” ميدل إيست آي”: بن سلمان خسر الحرب في اليمن ويستجدي أنصار الله للقبول بـ”مبادرته” الواهية

المراسل: ترجمات

بعد مرور ست سنوات من بدء الحرب على اليمن، تُرك ولي العهد السعودي الذي فشل في تحقيق نصر سريع, بمفرده يتوسل “الحوثيين” لقبول اقتراح السلام الخاص به.

أعلنت السعودية هذا الأسبوع عن مبادرة لإنهاء حرب اليمن وتنفيذ وقف إطلاق النار على مستوى البلد.

قوبلت هذه الخطوة بالرفض من قبل جماعة أنصار الله، المعروفة باسم الحوثيين، الأبطال الرئيسيين على الجانب الآخر، كونها لم ترفع الحصار بشكل كامل، ولم تؤسس لمرحلة سلام دائمة.

الحوثيون الآن من غير المرجح أن يتراجعوا أو يستسلموا, ومن المرجح أنهم سيواصلون هجومهم على مأرب واكتساح السلطة الهشة لـ”الرئيس” المنفي في الرياض عبد ربه منصور هادي.

قال وزير الخارجية الإيراني جواد ظريف إن إيران تدعم خطة سلام من شأنها إنهاء الحصار والعنف.

 

موقف ضعيف:

جاء إعلان السعودية بسبب ضعف موقفها بعد انهيار “التحالف العربي” الذي دعم حملتها وتلاشي الموافقة الدولية على هذه الحرب الغادرة على حدودها الجنوبية.

دولياً، منذ عام 2015، أعطت الولايات المتحدة تحت إدارة أوباما السعوديين الضوء الأخضر لبدء الضربات الجوية على اليمن.

 

وبحجة مواجهة التوسع الإيراني في هذا الجزء الاستراتيجي من شبه الجزيرة العربية، شنت السعودية حرب اليمن في 26 مارس 2015.

في وقت لاحق، واصل الرئيس السابق دونالد ترامب دعم السعوديين دون تشجيعهم على البحث عن حل دبلوماسي لحل النزاع.

ومع وجود إدارة بايدن الجديدة في السلطة، يجد السعوديون أنفسهم بدون هذا الغطاء الدولي, حيث أوضحت الأصوات في واشنطن أن أحد ركائز سياسة الإدارة الجديدة في الشرق الأوسط هو إنهاء الحرب في اليمن وإعادة إطلاق المفاوضات مع إيران على برنامجها النووي.

إقليمياً، انسحبت الإمارات، الحليف الرئيسي للسعودية، من الحرب لكنها ما زالت تحتفظ بمعقل على الساحل يضمن توسعها البحري على طول الطريق إلى القرن الأفريقي.

كانت رعايتها لليمنيين الجنوبيين قد أحيت مشروعاً قديماً لفصل المنطقة الساحلية الجنوبية عن اليمن الموحد.

نتج عن التدخل الإماراتي ترسيخ استقلال إقليم موالٍ لها, واعتمدت السعودية على مصر وباكستان، لكن كلاهما ترددت في الانخراط على الأرض، تاركاً السعوديين لخوض حرب بدون قدرات حقيقية على الرغم من قوتها الجوية المتقدمة، وذلك بفضل الإمداد المستمر من الحكومات الغربية وخاصة الولايات المتحدة وبريطانيا.

 

 

يتناقض هذا الموقف السعودي الضعيف مع موقف الحوثيين المتمكنين، فقد كثفوا هجماتهم بطائرات مسيرة على قلب المنشآت الاقتصادية السعودية خلال الأشهر الماضية، مستهدفة المنشآت النفطية والمطارات, حيث كانوا سريعين في فهم الموقف السعودي الضعيف.

 

عقيدة سلمان:

تعثرت في اليمن ما يسمى مبدأ سلمان لعام 2015، وهي استعراض للعضلات تستهدف الجماهير المحلية السعودية التي تشكك في صعود نجل الملك سلمان، محمد، إلى أعلى المناصب في الحكومة.

احتاج ولي العهد ووزير الدفاع السعودي آنذاك إلى نصر سريع في اليمن يمنحه شرعية جديدة باعتباره المنقذ والقائد العسكري, بيد أنه فشل في تحقيق ذلك.

وبدلاً من ذلك، ها هو الآن بمفرده يستجدي “الحوثيين” لقبول مقترحه للسلام، والذي لا يرقى إلى التخفيف من محنة اليمنيين وتطلعهم إلى إنهاء الحرب الأهلية.

 

كارثة إنسانية:

تاريخياً، فضلت السعودية الحفاظ على شبكات المحسوبية مع القبائل اليمنية الشمالية التي كان شيوخها يتلقون بانتظام الإعانات والمنح لإبقائهم موالين للعائلة المالكة السعودية.

أوقف محمد بن سلمان شبكة المحسوبية القديمة واختار الحرب الصريحة، معتقداً أنه سيصبح سيد اليمن وتنوع سكانه.

وبالتالي، بالإضافة إلى صالح، حولت معظم القبائل الشمالية ولاءها لـ”الحوثيين”.

يواجه اليمن اليوم أزمة إنسانية واقتصادية لم تشهدها العقود السابقة, ووفقاً للأمم المتحدة، يعيش ما يقرب من 16 مليون يمني في ظروف مجاعة ويعاني 2.5 مليون طفل من سوء التغذية.

 

تم تدمير البنية التحتية السيئة بالفعل في اليمن إلى حد جعل أي إعادة إعمار محتملة طويلة ومكلفة للغاية.

سوف يسجل التاريخ الملك سلمان ونجله على أنهما مدمران بلد وشعب وموارد. بدون بذل جهود جادة للمساهمة في إعادة إعمار اليمن، ستنجر البلد إلى عدة عقود من الاضطرابات والبؤس.

 

أنهوا الحرب:

إذا توقفت الحرب دون برنامج إعادة إعمار مفصل، فهناك خطر أن يفقد الكثيرون مصدر رزقهم ودخلهم.

قد لا يرى الفاعلون المحليون فائدة فورية من وقف إطلاق النار في غياب بدائل حقيقية تسمح لهم بالبقاء على قيد الحياة في بلد مدمر.

فشل العرض السعودي في توضيح كيفية استئناف السلام وإعادة الإعمار الاقتصادي بمجرد توقف الضربات الجوية.

اليوم، ولّدت حرب اليمن قوى جديدة يبدو أنها تتجاوز قدرة السعودية، مما ساهم في هذا التدمير أو احتوائه أو عكس اتجاهه.

مع قيام المجتمع الدولي بقطع مساعداته الخارجية وبرامج التنمية – والحكومة البريطانية واحدة منها- فإن احتمالات السلام في اليمن لا تبدو وشيكة.

ينبغي منح الأمم المتحدة تفويضا دوليا لإطلاق مبادرة سلام جديدة ينبغي أن تكون أهدافها الرئيسية سياسية واقتصادية.

(23)

الأقسام: صحافة وترجمات