حد أدنى من شرف الإنسانية – بقلم: مصطفى أمير

لا يأبه مجلس الأمن بإنقاذ أطفال غزة، لا بتجويع غزة ولا بإبادة أهلها. هذه هي الصورة الكاملة، والحقيقية.

حسنًا! فيما لو قمت بتصنيف الموجودات تنازليًّا بحسب طهارتها فاكتب في أسفل القائمة: حظيرة خنزير. عشرة أسطر بيضاء بعدها- تحسّبًا- ثم لا تكتب “ضمير العالم”!

إنّه ضميرٌ صفريّ الطهارةولا يمكننا، بالتالي، إدراجه في القائمة.

لا أتحدث عن أميركا، إنتبه! فأميركا هي القاتل والسّفاح، وموقفها طبيعي. ولكن عن العالم، عن مجلس الأمن وما حوى، عن روسيا وعن الصين، عن الكتلة العربية والإسلامية، وعن آخرين لا تعلمونهم.

إجتماعات مجلس الأمن بشأن غزة، بالتالي، لا تعدو كونها عمليات تجميلٍ لوجهٍ قبيح، جلساتٍ لرفع العتب واختلاق الأعذار!

حسنًا: آسفون يا غزة، لقد حاولنا استصدار قرارٍ لوقف العدوان، لولا الفيتو الأميركي!

قالت اليمن: لا بأس، لا عليكم أيها العالم النبيل، سنستخدم بالنيابة عنكم ما نملكه من أوراق الضغط، كانت اليمن تقوم بواجبها نحو العالم!

ثمّ أنها قالت: اطمئنوا، الملاحة كلها بخير، نحن سنقوم- فحسب- بمنع مرور السفن التي تصل إلى من يُمارس القتل والتجويع بحقّ أهلنا في غزة، أولئك الذين اعتذرتم لهم قبل قليل! إذا كان فيتو أميركا يمنعك من القيام بواجبك، أيها العالم النبيل! فهو لا يمنعنا من القيام به!

كان على العالم في تلك اللحظة، لو كان يمتلك الحد الأدنى من شرف الإنسان، أن يقف لليمن إجلالًا، ويؤدي لها التحية!

كان هذا هو الحد الأدنى المتوقع، وكان الحد الأدنى منه- فيما لو كان يملك من الشرف ما يكفي- أن يصمت!

أعني: حتى بائعات الهوى يمتلكن هذا الحدّ من الحياء! أي: الحد الذي يدفعهن لغضّ الطرف عمّن يقوم بما لا يمكنهن القيام به! يتفرجن إليه من بعيد: اختبئن، ثمة امرؤٌ في الحيّ يملك شرفًا!

إنهنّ يملكن من الحياء ما يدفعهن لخفض رؤوسهن أمام من يملك شرفًا!

الشعور بالعار هو طبعٌ إنسانيٌّ متأصل!

هو شعورٌ يلاحق من لا يملك شرف!ألا تشعر بالعار فهذا لا ينزع عنك شرفك!

إنه ينزع عنك إنسانيّتك!العالم لا يملك شرفًا، وهو أيضًا لا يشعر بالعار لكونه معدوم الشرف!

العالم ذاته الذي اعتذر لغزة، قبل قليل، هو العالم الذي استصدر قرارًا بإدانة عمل اليمن الشريف إزاء غزة!

هل تمتلك روسيا والصين حق الفيتو؟..نعم، تمامًا كما تملكه أميركا وفرنسا وبريطانيا.

ما الذي منعهما من استخدامه إذن؟ألم يكن الحد الأدنى من الحياء يقتضي تحييد مجلس الأمن. أعني: ألم يكن هذا هو الحد الأدنى الذي كان بإمكان روسيا والصين القيام به، فيما لو كانتا تشعران بالعار، وتمتلكان من الحياء ما تمتلكه بائعات الهوى؟

مجلس الأمن أرخص من أن يقوم بهذا الأمر!

بالطبع فلن أتحدث عن امتناع الجزائر عن التصويت، بلد المليون شهيد!

لقد سئمت من الحديث عن مخازي العرب، وإذا لم يكن السأم كافٍ بالنسبة لك، فدعني أخبرك بهذه المعلومة:

لقد سقطت كلمة “لا”، تمامًا، من قاموس الانحطاط العربي!

العرب الأقحاح لا يعرفون كيف ينطقونها، إنها كلمةٌ صعبة النّطق، لا يمكنها الخروج من أحبالهم الصوتية، إنها تضيع في الطريق، حتى أنها سقطت من الشهادتين!

أي: لم يعد بمقدورك – في أمة الصلاة- أن تسمع عبارة “لا إله إلا الله”! على الأخص، منذ تغيير اتجاه القبلة:

من البيت الحرام، إلى بيت أبناء

(168)

الأقسام: آراء