على أعتاب مرحلة جديدة|انتهى “الحزم السعودي”!

تقارير|المراسل نت:

محمد الأحمد:روسيا اليوم

 

عاد وفد الحكومة اليمنية إلى مباحثات السلام في الكويت، بعد ستة أيام على تعليق مشاركته؛ لكنه لم ينل الضمانات التي كان قد اشترطها سابقاً.

 

العودة إلى المحادثات، وإن تم إخراجها عن طريق القول إنها أتت بناء على تدخل من أمير قطر، فهي تأكيدإضافي بأن السعودية أنهت “عاصفة الحزم”، وأنها دلفت إلى مرحلة جديدة، تريد عبرها أن تكون راعية للأطراف المتصارعة في اليمن لا طرفا في المعركة، وخاصة أن الحرب خلفت تحديات كبيرة داخل اليمن، لا تحتمل استمرار القتال.

ولأن تعليق مشاركة الوفد الحكومي في المحادثات كان مفاجئا وغير مقنع للدول الراعية للتسوية، فإن حكومة الرئيس عبد ربه منصور هادي أُبلغت باستياء هذه الدول من القرار، وطُلب منها الاستمرارفي المحادثات؛وقيل لها إنها إذا استمرت في المطالبة بالحصول على ضمانات لتسليم الحوثيين الأسلحة والانسحاب من المدن، فإنها مطالَبة أيضا بتقديم ضمانات لهؤلاء بأن يكونوا جزءا من حكومة شراكة، يُفترض أن يتم تشكيلها عقب الاتفاق على التسوية الشاملة. وهو أمر سيكون محل نقاش خلالالأيام المقبلة.

وحيث إن ملامح التسوية في اليمن تبدو واضحة، فإن خشية بعض المفاوضين عن الجانب الحكومي من فقدان مناصبهم يمثل وفق الدول الراعية أحد أسباب إعاقة تحقيق أي تقدم. إذ إن الحوثيين أبدوا استعدادهم للانسحاب من المدن وتسليم الأسلحة؛ لكنهم يقولون إن ضمانة عدم استخدام هذا السلاح ضدهم لن يتحقق إلا بتشكيل حكومة شراكة وطنية باعتبار أن الحكومة الحالية طرف في الحرب؛ في حين أن الجانب الحكومي يرفض أي حديث عن تشكيل هذه الحكومة إلا بعد تسلُّم المدن ونزع الأسلحة والعودة إلى صنعاء.

وبما أن السعودية، وهي القوة الفعلية في الحرب التي تدور منذ 14 شهرا في اليمن، قد عقدت اتفاقا لوقف القتال مع الحوثيين، وتعقد لقاءات منتظمة مع قيادة الجماعة؛ وباتت تدرك صعوبة استمرار القتال وهزيمة الحوثيين؛ فهي تقدم نفسها اليوم كراعية للأطراف اليمنية، وتحملت نفقات عمل اللجان الميدانية المكلفة بمراقبة وقف إطلاق النار. كما تعمل من أجل إبقاء اليمن موحدا، ومواجهة الخطر المتنامي للتنظيمات الإرهابية، وتدرك أنها ستتحمل الجزء الأكبر من نفقات إعادة إعمار ما دمرته الحرب.

الرئيس هاديأقر بأن الذكرى السنوية للوحدة اليمنية حلت هذا العامفي ظل ظروفمصيرية بالغة التعقيد تشهدُها البلاد، ومخاض وطني كبير وصعب؛ لكنه حمَّل”انقلاب” الحوثي وصالح على الدولة والمجتمع والسلطة الشرعية و”حروبهما العبثية”ضد الشعب اليمني شمالاً وجنوباً، المسؤولية عن ذلك.

وفي ظل سعي فصائل في “الحراك الجنوبي” لإعلان انفصال الجنوب عن الشمال، اتهم هادي الحوثيين والرئيس السابق بمحاولة نسف كل الجهود، التي بُذلت لتصحيح مسار الوحدة ومعالجة السلبيات والمظالم السابقة، والتي قال إنه كان لها الأثر الواضح في تصدع وتشقق هذا المنجز الكبير.

وأضاف أن هذه المعالجات تضمنتها وثيقة مخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل، والتي أقرت إنهاء الوحدة الاندماجية وقيام دولة اتحادية لا يزال الخلاف قائما حول عدد أقاليمها.

هادي، وفي كلمة له بمناسبة مرور 26 عاما على إعادة توحيد شطري اليمن استمر في مهاجمة خصومه، وقال إن (أفراد) “المليشيات تلك يثبتون في كل يوم ألا همَّ لهم سوى السلطة ليحكموا هذا الشعب العظيم المقاوم الأبي، وإنهم لا يريدون إلا بناء تجربتهم الإيرانية الجديدة، عبر شرعنة ابتلاع الدولة ونهبهم مؤسساتها وجهازها المدني والعسكري”. وزاد على ذلك فقال إنهم “يريدون أن يقزموا هذا البلد ليتحكم فيه” مخلوع في المخبأ، ومراهق مطارد في الكهف وبرفقته مدرسوه الإيرانيين يلقنونه تجربتهم الإيرانية.”

وعلى الرغم من الأجواء الإيجابية التي تحيط بمحادثات السلام في الكويت، فإن الرئيس هادي استمر باتهام خصومه برفض مسار السلام العادل والدائم. ودعاهم إلى الانصياع ولو مرةً واحدة في حياتهم لرغبة الشعب اليمني وتطلعاته، وأن يغادروا ما أسماه مربع الغطرسة والغرور والمقامرة بدماء الشعب، وأن يستمعوا إلى صوت العقل لإنهاء تلك المأساة.

وفي ظل تراجع فصائل في الحراك الجنوبي عن خطتها لإعلان الانفصال، تمسك هادي بفكرة الدولة الاتحادية، وأكد لمواطنيه و”لكل العالم أن اليمن الاتحادي القائم على أساس مخرجات الحوار الوطني سيكون أقوى من كل الواهمين والمتسلقين، الذين لا ينظرون أبعد من أنوفهم”.

وبلغة الواثق من النجاح، رغم تنامي النزعات الجهوية والمذهبية، قال هادي: “نؤكد لكل أبناء الشعب اليمني أننا سنعبر هذا الطريق إلى نهايته، إلى مستقبل أكثر قوة وأمناً ورخاء بتعاون أشقائنا وجيراننا وحلفائنا. وسيعود اليمن مجيداً كما كان أبداً، وخالداً كما كان أبداً، وعظيماً كما كان أبداً”.

هذا، وبعد أربعة عشر شهراً على بدء عمليات “عاصفة الحزم”، أصبح هناك سبعة ملايين جائع وثلاثة ملايين مشرد ونزعة انفصالية متنامية وانتشار مخيف للجماعات الإرهابية ووضع اقتصادي منهار وأعباء اقتصادية كبيرة تحملتها السعودية في الإنفاق على هذه الحرب وشراء المزيد من الأسلحة. وهي عوامل تؤكد انتهاء الحزم، والانتقال إلى مرحلة جديدة؛ لكن السعودية ستظل الفاعل الرئيس في الساحة اليمنية.

(134)

الأقسام: الاخبار,اهم الاخبار,تقارير المراسل

Tags: ,,,,,,