المشروع الامبريالي

عدلي عبد القوي العبسي

لو سألنا انفسنا هل هناك مشروع للسيطرة على الثروة الاقتصادية والتحكم والسيطرة على المواقع الجغرافيه الهامه ك: الجزر والمضايق والموانئ وملتقيات الطرق التجاريه وممرات الملاحه الدوليه والحدود المحاذيه لدول عظمى؟

الجواب نعم ثمة مشروع من هذا القبيل مرسوم في خطط سياسية واستراتيجية بعيدة المدى وضعتها دوائر القرار ومراكز ابحاثها في الغرب الاستعماري

نعم ثمة مشروع امبريالي صهيوني ينفذ في المنطقه منذ قرن ونيف من الزمن قوامه احكام السيطرة على ثروات المنطقه بكامل اقاليمها ( ارابيا والهلال الخصيب وفارس وتركيا والقرن الافريقي ووادي النيل والمغرب العربي ) وكذا السيطرة على كل الميزات الجغرافيه المذكوره اعلاه

ما فائدة مثل هذه المشاريع والسياسات والاستراتيجيات والتي تخصص لها اموال وامكانات ضخمه لتنفيذها؟

الجواب في ان اعدادها وتنفيذها وتطويرها والحرص على استمراريتها.

ضمان للحفاظ على مصادر رخاء (الدول الاستعمارية )ومصدر الكثير من المواد الخام والأموال الاستثمارية المتدفقة اليها وكذا الاسواق الاستهلاكية وجذب الاستثمارات وفي كل هذا ضمان لديمومة واستمرارية اطول للنظام الامبريالي العالمي وإنقاذه من ازماته الاقتصادية البنيوية المتتابعة.

هكذا كان يفكر ويخطط مهندسو السياسات الغربيه الاطلسيه في دوائر البحث والتخطيط والتنفيذ.

وعبر عقود طويلة من الزمن تمكنت الشركات الاحتكارية الكبرى وبدعم من حكوماتها الامبريالية (دول الاطلسي البارزة)من وضع اليد على الثروة الباطنية ( نفط وغاز ومعادن ) والسيطرة على الاسواق واموال البترودولار. وقدمت الدعم العسكري والامني والسياسي بل وانشأت نظم سياسيه في المنطقه تابعه لها فاشيه الطراز يقودها عسكر براجماتيون يمينيون مغامرون تمثل هذه الانظمة مصالح البورجوازيه الكولونياليه التابعه والمرتبطة بها بنيويا .

وتمكنت.ايضا هذه القوى الامبريالية الغاشمة من ضرب الانظمة الوطنية الديمقراطية الممانعة واستطاعت ابدالها بأنظمة شبيهه بتلك التابعه لها(باستثناء سوريا والجزائر تقريبا )

واستخدمت في سبيل تلك الاهداف مختلف الاساليب والوسائل المعروفه التي تتبعها القوى الاستعمارية واستمرت الى زمننا الراهن وتطورت مع ابتكارات جديده خشنه وناعمه!!.

يمكننا ذكر ابرزها: كالحصار وممارسه الضغوط السياسيه وفرض العقوبات والتهديد بالعقاب وفرض السياسات الاقتصادية المدمره كالخصخصة والتقشف وسلاح الديون والتخريب الاقتصادي والامني والحملات الاعلاميه المشوهه ونشر الجواسيس ودعم جماعات اليمين المتطرف الدينيه الارهابيه وكذلك اللعب على اوراق الطائفيه والارهاب والتعصب القومي الفاشي البغيض وكذلك اذكاء النزعات الجهوية والمناطقية وسعيها (لتفكيك الدوله الوطنيه واعادة بناءها على اسس جديدة ) كما جاء في احدى مقالات الاستاذ لكنه للأسف نسب هذا المشروع الى جهه اخرى او سماه باسم احدى تلك القوميات المضطهده امبرياليا !!!!! وابعده عن الصاحب الاصلي المدبر والمخطط له وهو الامبريالية الاطلسيه وذراعها الصهيونيه تحت قياده الدوله الامريكية (الامبريالية بامتياز )!!!!وعبر يافطات ديموقراطيه متنوعه واستخدام قذر للمظلوميات وعبر اذكاء الفتنه ونشرها على نطاق واسع

وهذا المشروع الامبريالي الاطلسي القديم المتجدد بنسخه المتعدد والمتجددة مع تفاقم ازمتها الاقتصادية العالميه النهائيه بما هو نظام امبراطوري عالمي تقع الامبريالية الاطلسية في المستوى الاول من تراتبيته الراهنه بحسب تعبير انطونيو نيغري )

هو مشروع امبريالي يتجدد ويعاد تصميمه وتنفيذه في المنطقه كلها ولاخضاعها سياسيا واقتصاديا وامنيا باستخدام احدث التقنيات في المجالات كافه واستباقا لنفوذ شرقي آخر ( اوراسيا والصين وحلفائهما القادم لا محاله ) وهو تحرك قادم مدفوع بالمصالح الاقتصادية والشراكة التجاريه المشروعه مع العرب والفرس والاتراك والافارقة. ( الحزام والحرير على سبيل المثال ).

يستطيع الانسان العادي البسيط في ثقافته وتفكيره من ابناء شعوب المنطقه عربيا كان ام فارسيا ام تركيا ام اثيوبيا من اي من قومياتها المضطهدة امبرياليا ( بفتح الهاء ) ان يلاحظ بوعيه الحسي والذهني البسيط  هذه التحركات المحمومه التي توجهها الاطماع الاستعمارية والمخاوف من فقدان المصالح والنفوذ ومن توقف او اضمحلال النهب الامبريالي لثروات شعوب المنطقه والذي يدخل الآن قرنه الثالث من الزمن.

وفي بلدنا الحبيب اليمن رأينا حجم هذه الاطماع الاستعمارية ومدى التحركات السياسيه والعسكريه والاقتصادية للاستحواذ على الثروات : النفط ( بكميات ضخمه !!!!! ) والغاز والمعادن والاسماك والنبات الطبيعي وكذا المزايا الجغرافيه الاستراتيجية ( جزر وموانئ وغيرها ) والاسواق وشاهدنا التسابق المحموم

والتنافس على هذه الملفات من قبل دوائر الامبريالية واذنابها.

وشاهدنا ترتيبات جديدة للمنطقة وإعادة انتشار وتموضع وتسلل وتدخل امبريالي عدواني تحت ذرائع مخادعه كالديمقراطية وحقوق الانسان واعادة الشرعية ومكافحه الارهاب وحماية الامن القومي ( الاميركي والاسرائيلي والعربي )والامن الدولي وحماية ممرات الملاحه الدوليه ووو من قوى ما تسميه (محور الشر ) وتعمد الى تضخيمها والمبالغة بها والترويج لها وتخويف الحكومات بها وهكذا عبر هذه الادعاءات التي هي بمثابة الاحصنة الطرواديه للغزو والاحتلال يتم تحقيق الاهداف الاستعمارية!!.

وهكذا اكتوينا كشعوب في هذه المنطقه بنار هذه الهجمة الامبريالية المسعورة طيلة ربع قرن من الزمن والتي طالت شعوب المنطقه عسكريا وامنيا ( العراق والجزائر وسوريا وليبيا واليمن ولبنان وفلسطين ومصر والسودان وكذا اقتصاديا عبر النيوليبرالية المتوحشة ووصفاتها الاقتصادية المدمره للاقتصاديات الوطنية.

وكان حظ شعبنا اليمني منها الكثير والكثير وآخرها هذه الحرب العدوانيه الظالمه وذرائعها الواهية وأطماعها الاستعمارية المكشوفة وألاعيبها المدمره التي تدخل من طور الى طور آخر اكثر تأزما عبر نشر الفتنه بين الفرقاء بل و الحلفاء ايضا والهدف في النهاية واضح وهو تدمير المجتمع اليمني وتركيع شعبه وتمزيق ما تبقى من دولته الوطنيه الهشة في الاساس دونما اكتراث لمعاناة شعب او حقوق انسان وفي غياب مفجع للضمير الدولي!!

اذا هي هجمه اشتملت اساليب متنوعه للتدمير والاحتواء والتركيع بأدوات اقتصاديه وامنيه واعلاميه وسياسيه وعسكريه واخطرها الثقافية والفكرية واثواب شتى من الاحيائية الايمانية وهذيانات ما بعد الحداثة والانكفاء والانتكاس العصبوي ما دون الوطني بل وفرض الليبراليه البورجوازيه المتوحشة الفاشلة كايدولوجيا كونيه وحيده على الشعوب المقهورة بزعم سقوط السرديات الكبرى او الأيديولوجيات.

هذه هي فوضاهم الخلاقه التي اختطفت واحتوت المسار الثوري الحراكي الاحتجاجي لشعوب عانت الويلات من نار جحيم الامبريالية ومشروعها النيوليبرالي المتوحش المدمر للحياة والانسان في المنطقه.

لكن التاريخ حتما سيقول كلمته في النهاية وعبر الفعل الثوري المقاوم للجماهير الشعبيه وستدحر هذا المشروع الامبريالي الظالم والمدمر ليحل محله المشروع الثوري الوطني الديمقراطي مشروع الانسان والتقدم والعدالة الاجتماعية.

(123)

الأقسام: آراء

Tags: