‏دعوة للحوار والعقل

صلاح السقلدي

لا نعلم لِــما لا يُـبادر الجنوبيون بفتح حوار وتواصل مع القوى الفاعلة بالشمال خدمة لقضيتهم التي تتلمس الحل العادل منذ سنوات ،وحقناً للدماء النازفة  والجروح الراعفة التي تهرق خلف حدودهم ؟.ولا نعلم لما يظلون يؤدون دور البندقية الأجيرة إرضاء لدول إقليمية لئيمة ، ونيابة عن حزب الإصلاح الذي يتخفّى خلف ستار مهترئ اسمه الشرعية ويضمر للجنوب كما هائل من الضغائن والأحقاد، في وقت تتوسل فيه هذه الدول وحزب الإصلاح الحوار مع تلك القوى بالشمال وبالذات مع  حركة  ” أنصار الله” ومع حزب المؤتمر الشعبي العام بصنعاء.

نخشى  أن نصحو ذات صباح على إعلان تسوية بين حكومة صنعاء والسعودية خصوصا أن هذه الأخيرة قد تُــركتْ وحيدة تواجه مصيرها بحرب قاتمة المعالم والمصير وتخبط خبط عشواء منذ شهور، بعد أن تخلى عنها الشريك الرئيس معها بهذه الحرب” الإمارات” التي آثرت الانسحاب خلسة وتوشك أن تكمل انسحابها العسكري من الساحل الغربي وعموم الجنوب، ويكون الجنوب بالتالي خارج إطار التسوية الشاملة التي وعِـــدَ  مؤخرا أن يكون حاضرا فيها بواسطة المجلس الانتقالي الجنوبي، حيث أن تلك التسوية ستكون جوفاء مفرغة من مضامينها بعد أن تكون الأطراف الاقليمية والمحلية قد ابرمت تسويات منفصلة وخلف الحجب، ويكون الجنوب في الأخير قد حصد الزوابع بعد العواصف وأتى بخُـفي حُــنين،سيما إذا ما علمنا أن كل القوى اليمنية على تعدد اختلافاتها ومعها السعودية تضمر سوء النية للأهداف الجنوبية، حتى وأن بدت السعودية ليّــنة بموقفها إزاء الجنوب بالاتفاق الأخير الذي أنجزته بين الانتقالي وحكومة معين الشاردة بالرياض إلا أنها تفعل ذلك للحيلولة دون انفراط عقد شراكتها مع  حكومة معين ومع باقي القوى بالجنوب، ولكنها أي السعودية أولاً وأخيراً من أشد خصوم الجنوب ومن أكثر  الجهات الاقليمية طمعا بأرضه وثروته منذ عشرات السنين، هذا ما يحدثنا به التاريخ المعاصر وليس شواهد اليوم وحسب.

وعلى ما تقدّم نكرر دعوتنا التي ما فتأنتا  نطلقها لكل عقلاء الجنوب وأحراره وقواه الحيّـــة وعلى وجه الخصوص المجلس الانتقالي الجنوبي باعتباره أكثر القوى حضورا وتأثيرا  لتغليب مصلحة الوطن فوق كل اعتبار وحقنا للدم النازف لئلا يظل الجنوب بنك دم وبندقية بيد الآخرين دون طائل، أو يظل الى ما لا نهاية رهين التبعية السياسية والوطنية وأسير الخارج والداخل/ فالحرب أية حرب عبر التاريخ وفي كل أصقاع المعمورة تنتهي بالأخير بتسوية في نهاية المطاف بصرف النظر عن المآل العسكري، والشاطر من يلتقط فرص الحل، ويخرج بأقل خسائر وأكثر مكاسب.

  ترى هل تصل دعوتنا هذه المرة لمن يعنيهم الآمر بالجنوب؟ نأمل ذلك, فالأرواح التي اُزهقت والدماء الغزيرة التي سالت بالمدن والقرى والوديان والسهول والسهوب, والجراح التي ضربت صميم القلوب، وتلك الضغائن التي احتلت النفوس، وحالة تأجيج العصبيات والتحريض المذهب والطائفي المدمر قد انشبت مخالبها وأنيابها بظهر الجميع، وكان للجنوب نصيبا كبيرا بذلك. وعطفا على ذلك نقل لقد آن الأوان أن نسترشد بالعقل والحكمة، وندير عقولنا وظهورنا لمنطق شياطين الدولار وفتنة الريال القادم من خلف الحدود,فهو الذي يشرذم النفوس ويمزق الأواصر، فالجنوب اليوم كالشمال تماما بأمس الحاجة لسلاح الحوار والتواصل ولنعمة العقل، فالعقل يظل هو أمضى الأسلحة في كل العصور والأزمان.

                  ولله عاقبة الأمور.

(48)

الأقسام: آراء

Tags: ,,,,