الاعتماد على جيوش الغير هو الفشل والعار بعينه

صلاح السقلدي

لم يكن مفاجأً أن تعلن السودان عن عزمها إعادة قواتها من اليمن، كما لم يكن مفاجأً أن يعلن رئيس المجلس الانتقالي السوداني بصورة طريفة ألّا وجود لأية قوات سودانية باليمن، وأنها بحسب كلامه موجودة في الحد الجنوبي السعودي فقط.

ففي الوقت الذي نعلم جيدا أن هذا المسئول يكذب على شعبه إلّا أن منطق الرّجُل يشير بوضوح الى فشل مهمة جيشه باليمن برغم الأموال الطائلة التي يتلقاها جيشه مقابل أجرة المشاركة بهذه الحرب، وشعوره أي المسئول السوداني بحالة حرج شديدة من مسألة تأجير جيش بلاده نظير مبلغ من المال، وفي الوقت عينه شكل هذا التصريح ذروة الإحراج للسلطة التابعة لحزب الإصلاح القابعة في فنادق الرياض،فهذا يؤكد ما ظللنا نقوله مرارا أن الاعتماد على الغير، وتلمّس تحقيق مكاسب داخلية بواسطة جيوش بالإيجار، وانتهاك السيادة الوطنية مقابل استعادة كرسي الحكم، والتخلي عن الاعتماد عن الإرادة الشعبية الداخلية، هو الفشل بعينه بل هو العار بذاته، هذا فضلا عن الرهان على الحسم العسكري في دخول صنعاء، وهو الأمر الذي شككنا في تحقيقه منذ اليوم الأول لهذه الحرب، فالسعودية التي اعتمدت في حربها على قاعدة بيانات خاطئة في هذه الحرب فانها اعتمد على شركاء هجين من كل الاطياف السياسية والفكرية والجماعات المتطرفة، ناهيك عن اعتقادها أن بوسعها أن توظف القضية الجنوبية لمصلحتها حتى نهاية المطاف/ فهي أي السعودية جمعت النقائض في جراب واحد، ثم انتظرت المعجزة التي تحولت الى خيبة كبيرة ليس فقط بالجنوب بل في الشمال أيضاَ .

صحيح أنه لا غنى للشعوب في تحقيق مكاسبها وانتصار ثوراتها على الدعم  الخارجي، وقد شاهدنا تجارب كثيرة في هذا الشأن، في عقود الخمسينات والستينات من القرن الماضي أبّان الثورات التحررية ضد الاستعمار الغربي، ولكن كان الاعتماد على الدعم الخارجي مجرد أمرا ثانويا  وكمالة عدد، وليس اعتمادا رئيسيا برغم أن ذلك الدعم في تلك الفترة التحررية لم يكن يطمح لتحقيق أطماع وهيمنة كما نراه اليوم –على الأقل نتحدث هنا عن الثورة التحررية بالجنوب ضد الاستعمار البريطاني.

وعلى ما قد تظل الاستعانة بالغير بشكلٍ كُلي هو أمر مخزي ومعيب ومجلبة لعار تاريخي، وانتقاصا صارخا للسيادة الوطنية،بل واستخفافا  وازدراءً بقدرات الشعوب وطاقاتها، وسلبها كرامتها، ورهناً لقرارها الوطني لمصلحة قوى إقليمية طامعة….فالتجارب في تاريخينا الحديث والمعاصر تحدثنا وهي صادقة فيما تحدث عن اطماع الجيران وهوسهم بالهيمنة على جيرانهم وطمعا بثرواتهم وجغرافيتهم وسلبهم ارادتهم الوطنية، فهل من متعظ؟

(55)

الأقسام: آراء

Tags: ,,