مناوشات سعودية إماراتية: عودة قيادات الانتقالي مقابل عودة حكومة هادي إلى عدن

المراسل | خاص

تأكيدا لما نشرته صحيفة “المراسل” في عددها السابق حول احتدام الصراع الإماراتي السعودي في “الجنوب”، ظهرت خلال الأيام الماضية مؤشرات جديدة حملت العديد من ملامح هذا الصراع وأكدت على تصاعد وتيرته، إذ أوعزت الإمارات إلى وكلاءها في عدن (المجلس الانتقالي) بمنع عودة أعضاء حكومة هادي من العودة إلى المحافظة وتبني ذلك بشكل رسمي في بيان تضمن شروطا وضعها “المجلس” وطلب من السعودية وحكومة هادي تنفيذها، فيما اكتفت الأخيرة ببيان تنديدي عكس ضعف موقفها وخضوعها الكامل للإرادة السعودية.

وعملت صحيفة “المراسل” أن قوات “المجلس الانتقالي” الموالي للإمارات نفذت، الخميس الماضي، انتشارا عسكريا مكثفا داخل مطار عدن الدولي لمنع هبوط طائرة كان من المقرر ان تصل في اليوم نفسه وعلى متنها عددا من أعضاء حكومة هادي، وهو ما أدى إلى إلغاء الرحلة تماما.

وبلهجة غير مسبوقة، أصدر “الانتقالي” بيانا، تنبى فيه منع عودة أعضاء حكومة هادي إلى عدن، وأعلن تمسكه بهذه الخطوة، مشيرا إلى أن “اتفاق الرياض” لم ينص إلا على عودة رئيس حكومة هادي فقط وأن تكون تلك العودة لمهام محدودة.

اللهجة التي تبناها بيان الانتقالي أكدت وبشكل واضح على أن الإمارات أعطت الضوء الأخضر للمجلس، وهذا ما أكدت عليه أيضا جملة من النقاط التي احتوى عليها البيان والتي جاءت بمثابة شروط ومطالب أرادت الإمارات من السعودية تنفيذها في إطار تقاسم النفوذ في المحافظات الجنوبية، وهو التقاسم الذي كان قد بدأت مؤشرات انهياره بالظهور، الأسبوع الفائت، من خلال إعلان “قرب اندلاع الحرب”.

وكان من ضمن ذلك، المطالبة بعودة أعضاء فريق “المجلس الانتقالي” الذي منعتهم السعودية من العودة إلى عدن في مارس الماضي، وكذا وقف التحشيد العسكري لمقاتلي حكومة هادي وحزب الإصلاح باتجاه محافظات شبوة وأبين وعدن، إلى جانب المطالبة بتنفيذ “الشق السياسي من اتفاق الرياض” وهو ما يعني إعطاء المجلس الانتقالي نصيبه من السلطة في حكومة جديدة.

وتكررت المطالبة بالسماح لقيادات الانتقالي بالعودة إلى عدن مرتين في بيان المجلس، وبلهجة خاطبت السعودية بشكل مباشر الأمر الذي أكد وقوف الإمارات وراء هذا البيان، في إطار صراعها المحتدم مع السعودية.

وبالرغم من أن “الانتقالي” حاول تبرير مطالبه بـ”اتفاق الرياض” الذي ثبت فشله بشكل كامل، إلا أن تلك المطالب نفسها أكدت أن الإمارات أوعزت إلى المجلس أن يمنع أعضاء حكومة هادي من العودة إلى عدن كوسيلة ضغط على السعودية لتلبية الشروط التي تمنح أبو ظبي فرصة للإبقاء على نفوذها داخل عدن وبقية المحافظات الجنوبية، وتمنع الرياض من كسب الصراع لصالحها.

بالمقابل، أصدرت حكومة هادي بيانا جاء ضعيفا بالمقارنة مع بيان “الانتقالي” إذ اكتفت باستنكار منع أعضاءها من العودة إلى عدن واتهمت الانتقالي بعرقلة تنفيذ اتفاق الرياض، ثم حاولت أن تغطي عجزها عن فعل أي شيء، بان اعتبرت منع أعضاءها من العودة “تعاملا غير مسؤول” مع الكوارث التي تشهدها عدن!

لكن بعيدا عن الجانب السياسي مع الصراع، كان المشهد الميداني يظهر أن كلا من الانتقالي وحكومة هادي يفتقران لأي قوة حقيقية وأنهما مجرد منفذين للأوامر، حيث أفادت مصادر إعلامية موالية لحزب الإصلاح بأن السعودية أصدرت أوامر عاجلة للحزب بالانسحاب من مدينة شقرة التي استقبلت تعزيزات كبيرة خلال الفترة الماضية، وأوضحت المصادر أن الرياض هددت بقصف تلك القوات إذا لم تنفذ الأوامر.

لكن مصادر إعلامية موالية للانتقالي أكدت أنه لم يحدث أي انسحاب وأن ما حدث مجرد تمثيلية تديرها السعودية لامتصاص غضب الانتقالي، ومرونة زائفة لإدارة الصراع وهو ما أكد أن الطرفين لا يمتلكان أي قرار، وأن المساومات تدور بين أبو ظبي والسعودية في الكواليس.

مع ذلك، لا تزال مؤشرات انفجار الأوضاع بين “الإصلاح” و”الانتقالي” قائمة، إذ يبدو أن الصراع بين مشغليهما قد يصل إلى مستويات عنيفة في ظل حرص الرياض، من جهة، على امتلاك زمام الأمور في عدن للتفرغ للتفاوض مع صنعاء، وإصرار أبو ظبي من جهة أخرى على عدم ترك السعودية تنفرد بالمشهد وتقصى “المجلس الانتقالي” من الساحة.

 

(34)

الأقسام: الاخبار,المراسل السياسي,اهم الاخبار,تقارير المراسل