في تحقيق للمراسل: السوق المحلية تغرق بالمعقمات والمطهرات المغشوشة وتجار يستغلون “كورونا”

تحقيق- هاني أحمد علي:

” بعد أن كنا أمام عدد محدود للمعقمات والمنظفات أبرزها الديتول الذي يباع الأصلي منه بسعر غالي،  أصبحنا اليوم أمام أرقام وأشكال وأنواع وأحجام مختلفة من هذه الأصناف المغشوشة والمقلدة التي تصنع محليا غالبيتها داخل أحواش ودكاكين، استغلالا لحاجة الناس اليها للوقاية من فيروس كورونا،  وكذا غياب الرقابة الحكومية وقلة وعي الناس،  وهذه كارثة حقيقية”..

هذا ما كشف عنه الصيدلي بلال محمد عبدالسلام،  مالك صيدلية في شارع شيراتون أمانة العاصمة،  مبينا أنه لم يعد يثق بأي صنف يأتي اليه عبر مندوبين ليس لهم علاقة بالأدوية أو المستلزمات الطبية،  والذين يتزايدون يوما بعد يوم.

وفي تصريح خاص لصحيفة “المراسل” يؤكد الصيدلي عبدالسلام، أنه لجأ مؤخرا للتعامل مع تلك المعقمات عبر استخدام الولاعة للتأكد من جودتها،  فإذا كان المنتج قابل للاشتعال فهو سليم ويحتوي مادة الميثانول أو الاسبرت والكحول،  وإذا لم يكن كذلك فهو مغشوش ولاينفع للاستخدام.

ولفت إلى ان الكثير من الصيدليات للأسف باتت تتعامل مع تلك الأصناف رغم معرفتهم برداءتها وعدم فاعليتها كمعقمات، والسبب يعود لغياب الرقابة والربح المادي كون اسعارها رخيصة والصيدليات تبيعها بأسعار كبيرة.

 

غياب الوازع الديني والأخلاقي

بدورة يضيف الدكتور أحمد رسام مالك صيدلية صلاح الدين بمديرية الثورة،  أن الوضع حاليا معقد جدا مع الاعلان الرسمي عن وصول فيروس كورونا إلى صنعاء عبر مواطن صومالي متوفي في ظل عدم وجود الإمكانيات لمجابهة هذه الجائحة”، مبينا أن ذلك يقابله إغراق السوق بالمعقمات التي هي أصلا مرطبات، وذلك لعدم وجود المواد المعقمة بتراكيز ملائمة لقتل الفيروس.

وأفاد الدكتور رسام في تصريح خاص لصحيفة” المراسل” بأنه لو كان المواطنين اعتمدوا على هذه المعقمات التي لا تطابق المواصفات لكان كل من استخدمها  أصاب غيره ونفسه بالعدوى وهو يظن أنه طبق التعليمات بحذافيرها، مشيرا إلى أنه من

الواجب على الصيدليات فحص المنتجات قبل شرائها في ظل غياب الوازع الديني والأخلاقي من المصنعين،  كذلك في ظل غياب الدور الرقابي ممثلا بهيئة الادوية ووزارة الصناعة.

ويقول الصيدلي رسام بإنه ليس من الضروري على التجار التبرع  والمساندة المالية لمواجهة كورونا كباقي الدول التي نسميها كافرة، ولكن المطلوب منهم توفير معقمات ذات جودة مضمونة فقط، في ظل الإحتكار وارتفاع كل ما يتعلق بفيروس كورونا.

وطالب كل من يصنع هذه المعقمات ويبيعها ويشرف عليها، الشعور بالمسؤولية تجاه المواطن الذي هو انا وانت وهو.

 

خطوات حكومية لإنهاء الغش

وفي السياق يؤكد بسام الغرباني- وكيل وزارة الصناعة لقطاع التجارة الداخلية، أن الوزارة تلقت خطابا رسميا من الهيئة العامة للمواصفات والمقاييس، يتضمن ١٦ صنفا من المعقمات والمطهرات الموجودة في السوق المحلي، والمخالفة والغير مطابقة للمقاييس والجودة.

ويوضح الغرباني في تصريح خاص لصحيفة “المراسل” أن وزارة الصناعة والتجارة تجاوبت سريعا مع خطاب المواصفات والمقاييس وارسلت تعميما إلى كآفة مكاتبها بأمانة العاصمة والمحافظات من أجل النزول الميداني وسحب المعقمات المخالفة من السوق والاستمرار في عملية الرقابة وصولا الى انهاء ظاهرة الغش واستغلال الناس في ظل انتشار وباء كورونا.

ويبين الغرباني في حديثه للصحيفة أن وزارة الصناعة طالبت الهيئة العليا للأدوية من أجل الجلوس مع التجار وتحديد اسعار موحدة للمعقمات والمطهرات المعتمدة من قبل الهيئة لتعميمها على مكاتب الوزارة،  لافتا إلى أن توجيهات صدرت من الصناعة لجميع مكاتبها وفروعها بعدم استخدام أي صنف من المعقمات والمطهرات غير مطابقة للمواصفات والمقاييس.

 

ضرورة التحري والتدقيق

وكانت الهيئة اليمنية للمواصفات والمقاييس وضبط الجودة قد كشفت في ١٤ ابريل عن وجود 16 صنفاً من المواد المطهرة والمنظفة والمعقمات مخالفة للمواصفات القياسية المعتمدة.

وفي بلاغ صحفي أوضح مدير هيئة المواصفات والمقاييس الدكتور إبراهيم المؤيد “أن الهيئة نفذت مسح ميداني لمنتجات المطهرات والمنظفات في الأسواق في إطار جهودها الهادفة إلى تعزيز الإجراءات الاحترازية لمواجهة وباء كورونا وإنطلاقاً من مهام الهيئة في حماية المستهلك”.

وأشار إلى أن نتائج المسح الميداني بينت وجود عدد من هذه المواد مخالفة وغير مطابقة للمواصفات القياسية المعتمدة، لافتاً إلى ان الهيئة أبلغت وزارة الصناعة والتجارة للتنسيق مع مكاتبها في المحافظات لسحب هذه المنتجات المخالفة واتخاذ الإجراءات القانونية للازمة.

وشدد مدير هيئة المقاييس على ضرورة التحري من قبل أصحاب الصيدليات والمحلات التجارية عند شراء هذه المنتجات من المعامل والمصانع والموردين وأن تكون حاصلة على تقارير فحص من الهيئة تؤكد مطابقتها للمواصفات القياسية المعتمدة.

وأكد الدكتور المؤيد أن الهيئة مستمرة في عملية النزول الميداني للتحقق من مطابقة المطهرات والمعقمات والمنظفات للمواصفات وسحب أي كميات مخالفة لها، مبينا أن الهيئة شكلت فرق فنية متخصصة للنزول إلى المعامل المحلية لصناعة المواد المطهرة والمنظفة والمعقمات وتقديم الدعم الفني والإرشادات لها في عملية الإنتاج وفقاً للمواصفات القياسية المعتمدة في إطار الجهود المبذولة لحماية المستهلك ونشر الوعي لدى المواطنين عن الأضرار الناجمة عن استهلاك المواد والسلع غير المطابقة للمواصفات القياسية المعتمدة.

 

بدائل متاحة لتوفير المعقمات

من جانبه يكشف ابراهيم الوريث – رئيس هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية، عن ‏تمكن فريق انتاج المعقمات ومواد التطهير بهيئة المساحة من استخلاص مادة جل الصبار الخام من مصادر نباتية طبيعية 100% .

ويقول الوريث في تصريح خاص لصحيفة “المراسل” إن فريق المختبرات التابع للهيئة تمكن من انتاج أول كمية قياسية من هذه المادة، وذلك في خطوة لايجاد بدائل متاحة امام ارتفاع اسعار المواد الاولية اللازمة، حيث قام طاقم المختبرات المركزية بإنتاج عدة اصناف من المعقمات ومواد تطهير في إطار دور الهيئة المساهمة في توفير بعض متطلبات مواجهة جائحة كورونا.

ويضيف رئيس هيئة المساحة الجيولوجية أن هذه المعقمات تصنفها منظمات طبية عالمية بدرجة عالية الى متوسطة من حيث الفعالية في قتل البكتريا و إبادة الجراثيم والفيروسات، مبيا أن فريق العمل الفني استطاع حتى الان تأمين 4 طن من كمية 10 طن من المعقمات المخطط انتاجها خلال مدة قياسية إن شاء الله من خلال تحضيرها من مواد خام اولية تجارية متوفرة، لافتا الى أن هناك توجه استراتيجي لتوفير هذه المواد الخام من مصادر طبيعية ومعدنية تزخر بها البلاد، كما أن الفريق يعكف على استكمال جمع البيانات واعداد مقترح الانتاج بصورة مستمرة.

ويكشف الوريث أن المعقمات المنتجة من قبل الفريق هي :

1- معقم و مطهر بقوة الكلور بتركيز ( 0.1 % )

2- معقم و مطهر بقوة الأكسجين بتركيز  ( 3 % )

تستخدم لرش الأسطح و الأرضيات

3- معقم و مطهر بقوة الأكسجين بتركيز  ( 0.5 % ) يستخدم لتعقيم الأيدي .

 

معامل خارج اطار الرقابة

إلى ذلك يوضح الدكتور علي عباس- نائب رئيس الهيئة العامة العليا للأدوية والمستلزمات الطبية،  أن هناك العشرات من المعامل تقوم بصناعة المنظفات بموجب تصاريح من مكاتب وزارة الصناعة، ولكنها قامت مؤخرا بانتاج المعقمات والمطهرات استغلالا لحاجة الناس والطلب المتزايد في مواجهة وباء كورونا.

ويبين الدكتور عباس في تصريح خاص لصحيفة “المراسل” أن لجؤ هذه المعامل لانتاج المعقمات والمطهرات مخالف للقانون كونها غير مطابقة للمواصفات والمقاييس والجودة،  ويجب تبعيتها لهيئة الأدوية باعتبارها مستلزمات طبية.

ويكشف نائب رئيس هيئة الأدوية، أن هناك تنسيق حاليا بين الهيئة ووزارة الصحة للنزول الميداني والتفتيش على تلك المعامل،  وايقاف العبث والاستهتار الحاصل وحماية المواطنين من الغش،  منوها أن هيئة الادوية لاتزال تنتظر اسماء وعناوين تلك المعامل من وزارة الصناعة لانزال فرق وخبراء من الهيئة بهدف اخذ عينات من تلك المعقمات والمطهرات ومطابقتها للشروط والمعايير،  واتخاذ الاجراءات الصارمة ضد المخالفين.

ونوه الدكتور عباس أن هناك معامل تقوم بصناعة المنظفات بموجب تصاريح من مكاتب وزارة الصناعة، ولكنها قامت مؤخرا بانتاج المعقمات والمطهرات استغلالا لحاجة الناس والطلب المتزايد في مواجهة وباء كورونا.

(35)

الأقسام: المراسل العام,تقارير المراسل