اطباء اليمن تحت المجهر.. تحقيق استقصائي لصحيفة المراسل يكشف عن خفايا تزوير شهادات الطب ومزاولة المهنة وتداعياتها

المراسل: تحقيق|هاني أحمد علي:

الدكتور عبدالرحمن الحمادي- أمين عام المجلس الطبي لــ”المراسل”:

ضبط ما يقارب 20 شهادة طبية مزورة تحمل أختام جامعة صنعاء ومعهد أمين ناشر بعدن

الشهادات المزورة التي يحاول دخلاء مهنة الطب يمارسون الخداع على الناس ويرتكبون جرائم القتل عمداً مع سبق الإصرار والترصد بحق المرضى

نقوم بحماية أرواح المواطنين التي قد تزهق على يد طبيب أو صيدلي فاشل لا يمتلك أي كفاءة

رخصة مزاولة مهنة الطب تسبب تذمرا بأوساط المتقدمين والمجلس الطبي يدافع عن نفسه..

 

 

 

 

 

” تكتظ ساحات المجلس الطبي بالعشرات من الأطباء يوميا لاتمام معاملات الحصول على رخصة مزاولة مهنة تنفيذا للخطوات التصحيحية التي أقرتها وزارة الصحة العام الفائت بعد اشتراط الحصول على التصريح مقابل العمل في أي مجال من مجالات الصحة.

وخلال زيارتها الميدانية داخل دهاليز المجلس الطبي،  ألتقت صحيفة المراسل بأحد الأطباء الصيادلة المراجعين والذي كان يصيح بصوت مرتفع قائلا : ” لا أعرف ماذا يريد مني المجلس الطبي فهو حتى اللحظة يرفض منحي شهادة مزاولة المهنة التي عبرها يمكنني الاستمرار في عملي وجني لقمة عيشي ورزق أولادي وأسرتي، فبالرغم من خضوعي لامتحان الكفاءة واجتيازه بنجاح ودفع كل الرسوم المترتبة على ذلك بما فيها رسوم الشهادة البالغة 15 ألف ريال .. وكل ما في الأمر أن العرقلة سببها مطالبة المجلس مني بدفع مبالغ مالية كبيرة تصل لأكثر من 50 ألف ريال تحت مسمى غرامة .. فكيف تلزمنا الجهات الرسمية بضرورة استخراج شهادة مزاولة المهنة وفي نفس تمارس علينا تعقيدات ومطالب مجحفة ودفع رسوم إضافية لا نقوى عليها .. حرام هذا والله حرام” ..

 

غياب المرونة

ويقول الدكتور الصيدلي ماجد شعلان – أحد العاملين في صيدلية الطوارئ العامة التجارية بهيئة مستشفى الثورة العام بالعاصمة صنعاء، إن حجم المعاناة التي يعيشها شريحة كبيرة من الأطباء الصيادلة بكافة مستوياتهم العلمية جراء الإجراءات التي يمارسها المجلس الطبي بحق المتقدمين للحصول على شهادة مزاولة المهنة.

وعبر الدكتور شعلان في حديثه لـ”المراسل”  عن استغرابه من رفض المجلس منحه شهادة المزاولة رغم دفع الرسوم واجتيازه امتحان الكفاءة بجدارة، مبيناً أن المجلس يطلب منه دفع ما يقارب 50 ألف ريال غرامات عن عدد السنوات التي عمل فيها دون شهادة مزاولة المهنة، موضحاً أن تلك الإجراءات التي يتعامل بها المجلس الطبي معقده وغير مرنة ومن شأنها أن تساهم في تعذر الكثيرين من العاملين في مجال الصيدلة العزوف عن استخراج الشهادة والعمل بدون أي تصريح والتهرب من الحصول عليها.

 

معوقات لا تراعي الظروف

الدكتور الصيدلي محمد عبدالرحمن الجراش – صيدلية ركن الصحة والجمال في مديرية شعوب، هو الآخر يضطر إلى إغلاق صيدليته فترات طويلة خوفاً من اللجان الرقابية الميدانية التي قد تباغته فجأة بأي وقت وبالتالي تفرض عليه غرامات وعقوبات صارمة ليس هو سبباً فيها.

وأوضح الدكتور الجراش في تصريح لـ”المراسل” بأنه يتعرض لخسائر مالية كبيرة جراء إغلاق صيدليته لفترات طويلة خوفاً من عقوبات لجان الصحة لعدم حصوله على تصريح مزاولة المهنة حتى الآن بسبب المماطلة والتعقيد في إجراءات المجلس الطبي والوقت الطويل الذي يحتاجه المتقدم للحصول على شهادة مزاولة المهنة، الأمر الذي قد يؤدي إلى تضرر الكثيرين من تأخير حصولهم على شهادة المزاولة، مبيناً أن هذه الإجراءات لا تراعي الظروف الراهنة التي يعيشها البلد جراء استمرار الحرب والحصار منذ 5 سنوات، والوضع الاقتصادي الصعب للشعب اليمني والذي تعد شريحة الصيادلة والعاملين في الصيدليات جزء من هذا الشعب ومن هذا البلد.

 

خسائر مالية كبيرة

بدوره قال الدكتور الصيدلي محمد يحيى صالح – أحد أبناء محافظة المحويت ويعمل في صيدلية بمنطقة الحتارش التابعة لمديرية بني حشيش، منذ 3 سنوات، إنه وعلى مدى شهر يترك عمله في المنطقة التي تبعد عن العاصمة صنعاء حوالي 50 كيلو متر، من أجل الوصول إلى المجلس الطبي الذي يطلب منه كل يوم متطلبات جديدة.

وكشف الدكتور صالح في حديثه لــ”المراسل” عن تعرضه لخسائر مالية باهظة في رحلة الحصول على شهادة مزاولة المهنة التي بسببها يستطيع الاستمرار في عمله، مبيناً أن سفره يومياً من منطقة بني حشيش إلى العاصمة صنعاء والمكوث فيها من الصباح إلى نهاية الدوام ومن ثم العودة يتطلب منه مبالغ مالية كبيرة كون المعاملة لا تنجز بسهولة وتحتاج لمتابعة يومية كونها تمر بمراحل كبيرة من المراجعة والتدقيق وصولاً إلى دخول امتحان الكفاءة وانتهاء باستخراج الشهادة بعد أن يكون الصيدلي المتقدم للحصول على الشهادة قد شارفت روحه على الخروج، بالإضافة إلى السفر من العاصمة صنعاء إلى المحويت مسقط رأسه لاستكمال البيانات المطلوبة للمجلس الطبي واستخراج الوثائق من الكلية التي درس وتخرج منها، وكل ذلك يتطلب الكثير.

 

غياب الآلية والتنسيق

أما الدكتور الصيدلي صلاح التويتي – الذي يعمل مندوب علمي بأحد شركات الأدوية في العاصمة صنعاء، فإنه يستغرب من الإجراءات المتبعة من قبل المجلس الطبي وعدم وجود آلية سلسلة ومرنة تضمن للعاملين في مجال الصحة والصيادلة الحصول على شهادات مزاولة المهنية بكل يسر وسهولة.

وأضاف الدكتور التويتي في حديثة لــ”المراسل” أن المجلس الطبي يعمل في ظل غياب التنسيق بينه وبين بقية الجهات المعنية وهو ما ينعكس سلباً على المتقدم للحصول على الشهادة ويسبب التأخير والإحباط له، بالإضافة إلى فرض الغرامات التي يفرضها المجلس مقابل السنوات الماضية بما فيها سنوات الحرب والوضع الاقتصادي المتردي، داعياً  وزارة الصحة الوقوف بجانب المتقدمين وتشجيعهم ومد يد العون لهم وتذليل كل الصعاب والعوائق التي تعترض طريقهم وذلك عبر إلغاء تلك الغرامات التي تحول بين الصيدلي وبين حصوله على شهادة مزاولة المهنة، واتخاذ إجراءات أكثر سلاسة في التعامل، ومحاولة التنسيق بين المجلس الطبي والجامعات والكليات الصحية لتوفير والوقت والجهد والمال على طالبي الشهادة وإتاحة الفرصة لهم بالاستمرار في أعمالهم التي قد يفدونها بأي لحظة في حال تأخر الحصول عليها.

 

المجلس يدافع عن نفسه 

على الجانب الآخر يدافع الدكتور عبدالرحمن الحمادي – أمين عام المجلس الطبي، عن الإجراءات المتبعة في المجلس تجاه المتقدمين ويعتبرها إجراءات ضرورية لحماية أرواح المواطنين التي قد تزهق على يد طبيب أو صيدلي فاشل ولا يمتلك الكفاءة، موضحاً بأنه لا فرق بين شهادة مزاولة المهنة في مجال الصيدلة والطب وبين شهادة أو رخصة قيادة السيارة التي تمنح للسائق عند اجتازه امتحان الأداء والوثوق بقدراته وبأنه لن يرتكب حادثاً في الطريق ويقتل الأبرياء.

وقال الدكتور الحمادي في تصريح خاص لــ”المراسل” إن إرضاء الناس غاية لا تدرك، وبالتالي فإن المجلس الطبي يعمل جاهداً ومنذ تشكيله في شهر ابريل من العام المنصرم 2019 على تنظيم العمل واستقبال المتقدمين من خلال استئجار دورين وتعيين 6 موظفين لاستقبال المتقدمين، حيث يسلم الملف صباحاً وعند انتهاء الدوام يعرض الملف على لجنة الفحص والتدقيق التي بدورها تشيك على الوثائق والشهادات وتتواصل هاتفياً مع الجامعات والكليات التي تخرج منها المتقدم، وبعدها تعود تتم عملية مطابقة الشهادات الأصول ومطابقتها ومن ثم إعادتها للجنة الاستقبال من أجل الفرز واستكمال إجراءات تحديد من سيخضعون لامتحان الكفاءة، وبعد ذلك يعود ملف المتقدم إلى قسم البيانات لإدخال المعلومات الكترونياً وبعدها يتجه الملف إلى لجنة المعادلة والتصنيف والمزاولة.

وكشفت أمين عام المجلس الطبي بأنهم يقومون بتحديد اجتماعات أسبوعية تصل 3 أيام في الأسبوع بما فيها أيام الإجازات والعطلات أي بمعدل 12 اجتماع شهرياً ويتم خلال الاجتماع الواجد دراسة 120 ملف والتي بدورها تقر إصدار شهادات المزاولة وختمها بختم المجلس وختم سري قبل أن يتم التواصل مع الشخص المتقدم لاستلامها، مبيناً أن المجلس بصدد إنشاء موقع الكتروني عبر الانترنت، مشيراً إلى إنجاز ما يقارب 4 آلاف حالة من المتقدمين الذي خضعوا لامتحان الكفاءة.

وأشار الدكتور الحمادي إلى أن خريجي ما قبل 2009 لا يخضعون للامتحانات وتعطى لهم شهادة المزاولة مباشرة، وفيما يخص الجامعات الحكومية فإن خريجي ما قبل 2014 لا يخضعون للامتحان، أما خريجي الجامعات والكليات الخاصة من بعد العام 2009 فإنهم يخضعون لامتحان الكفاءة بمختلف مستوياتهم بما فيهم حملة الدبلوم الفني والبكالوريوس، مؤكداً أن الامتحان يهدف على تقييم العامل في قطاع الصحة وهل يشكل أمان على المرضى وأرواح الناس، مبيناً أن شهادة المزاولة يفترض أن لا تطبق على الأطباء فقط، بل يجب تطبيقها على مختلف المهن الأخرى كالهندسة وغيرها، منوهاً بأن الغرامات التي يفرضها المجلس على المتقدمين هي تندرج في إطار القانون الذي صدر 2002 وينص على فرض عقوبات لمن يمارس العمل بدون ترخيص وقد حددها القانون بأن لا تزيد عن 200 ألف، وبالتالي المجلس يفرض غرامة على حملة الدبلوم مبلغ 1250 ريال عن كل عام، وعلى البكالوريوس 2500 ريال، وعلى الماجستير 3500 ريال، والدكتوراه 4 ألف ريال عن كل عام، يتم دفعها على 3 أقساط أو قسطين بحسب ظروف الشخص تدفع عند كل تجديد خلال العامين.

ولفت أمين عام المجلس الطبي في حديثة للمراسل، إلى الكثير من الإشكاليات التي يواجهها المجلس أبرزها الشهادات المزورة التي يحاول دخلاء مهنة الطب من خلالها خداع الناس وارتكاب جريمة وقتل عمداً مع سبق الإصرار والترصد بحق المرضى، مضيفاً أن المجلس ضبط ما يقارب 20 شهادة طبية مزورة تحمل أختام جامعة صنعاء ومعهد أمين ناشر للعلوم الصحية والطبية بعدن.

وكشف الدكتور الحمادي، عن منح أكثر من 4 آلاف طبيب شهادة مزاولة المهنة للعمل في القطاع الصحي والصيدلاني منذ تشكيل المجلس في ابريل 2019، مبينا أن خريجي ما قبل 2009 لا يخضعون لامتحان الكفاءة وتعطى لهم شهادة المزاولة مباشرة، وفيما يخص الجامعات الحكومية فإن خريجي ما قبل 2014 لا يخضعون للام

تحان، أما خريجي الجامعات والكليات الخاصة من بعد العام 2009 فإنهم يخضعون لامتحان الكفاءة بمختلف مستوياتهم بما فيهم حملة الدبلوم الفني والبكالوريوس.

وأكد أمين عام المجلس الطبي أن الامتحان يهدف على تقييم العامل في قطاع الصحة وهل يشكل أمان على المرضى وأرواح الناس، مبيناً أن شهادة المزاولة يفترض أن لا تطبق على الأطباء فقط، بل يجب تطبيقها على مختلف المهن الأخرى كالهندسة والتخصصات الفنية والتقنية والميكانيكية وغيرها، موضحا أن الغرامات التي يفرضها المجلس على المتقدمين هي تندرج في إطار القانون الذي صدر 2002 وينص على فرض عقوبات لمن يمارس العمل بدون ترخيص وقد حددها القانون بأن لا تزيد عن 200 ألف، وبالتالي المجلس يفرض غرامة على حملة الدبلوم مبلغ 1250 ريال عن كل عام، وعلى البكالوريوس 2500 ريال، وعلى الماجستير 3500 ريال، والدكتوراه 4 ألف ريال عن كل عام، يتم دفعها على 3 أقساط أو قسطين بحسب ظروف الشخص تدفع عند كل تجديد خلال العامين.

(138)

الأقسام: المراسل العام,تقارير المراسل