الحرب على اليمن .. بلا إنسانية

المراسل – تقرير:

كشف تحقيق استقصائي نشرته شبكة CNN الاخبارية الأمريكية عن الكارثة الإنسانية التي يعيشها أبناء الشعب اليمني جراء استمرار الحرب والحصار على مدى أكثر من 5 سنوات، زادت وتيرتها مؤخرا بعد اتخاذ الإدارة الأمريكية وحلفائها السعوديين والإماراتيين بتقليص المساعدات الإنسانية وتجاهل نداءات المنظمات الدولية تقديم المزيد من المعونات للشعب الذي يواجه خطر الموت جوعاً وبات ما يقارب 24 مليون مواطن يمني بحاجة للمساعدات الغذائية من أجل البقاء على قيد الحياة.

وفي مارس الماضي، قامت إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وحليفان رئيسان بالمنطقة، هما المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، بخفض تمويلهم لنداء الأمم المتحدة من أجل اليمن، وتخفيض المساعدات يعني تراجع خدمات الرعاية الصحية للمدنيين اليمنيين، مع اضطرار بعضهم للإغلاق، وانخفاض المساعدات الغذائية.

وفي وثيقة معلومات داخلية سرية للأمم المتحدة حصلت عليها شبكة CNN، يظهر الأثر الكامل والمدمر لتخفيض المساعدات وبرامج المعونة التي تم إغلاقها والبرامج المعرضة لخطر الإغلاق الوشيك إذا لم تتلق المزيد من التمويل، حيث أكدت وكالات الأمم المتحدة تفاصيل الوثيقة لشبكة CNN، وقد تأثر تمويل كل منها تقريبا ومن بين الوكالات المتأثرة برنامج الأغذية العالمي، الذي يمول بنسبة 44% فقط، ويقدر برنامج الأغذية العالمي أن أكثر من 66% من سكان اليمن بدون أمن غذائي، وأن 14 مليون منهم يمكن أن يموتوا إذا توقفت مساعدتهم الغذائية.

ووفقا للشبكة الاخبارية الأمريكية، فقد ساهمت الولايات المتحدة في عام 2019 بنحو مليار دولار في نداء الأمم المتحدة لإغاثة اليمن، ولكن هذا العام تبرعت بأقل من نصف هذا المبلغ حتى الآن، حيث قدمت 411 مليون دولار، كما تظهر بيانات الأمم المتحدة، وهذا التخفيضات أثرت إلى حد كبير على المناطق الواقعة في الشمال التي تسيطر عليها حكومة صنعاء.

وقال متحدث باسم الوكالة الأمريكية للتنمية (USAID)، في تصريح لـCNN، إن تعهد المملكة العربية السعودية بتقديم الدعم إلى الأمم المتحدة لمساعدة اليمن انخفض لأكثر من النصف هذا العام. في 2019، حيث قدمت السعودية أكثر من مليار دولار، بينما تعهدت هذه السنة بمبلغ 500 مليون دولار، وتقول الامم المتحدة إنه قد وصلها ٢٣ مليون دولار فقط من ذلك التعهد.

وفي حالة الإمارات العربية المتحدة، لم تقدم أي شيء إلى نداء الأمم المتحدة لإغاثة اليمن هذا العام حتى الآن، بحسب بيانات الأمم المتحدة، وفي العام الماضي تبرعت بمبلغ 420 مليون دولار، ولم يؤكد متحدث باسم وزارة الخارجية الإماراتية أو ينكر أنه لم يقدم أي شيء لنداء الإغاثة هذا العام.

من جانبه أوضح رئيس هيئة الأمم المتحدة الإنسانية مارك لوكوك، لـCNN، إن أزمة التمويل لها تأثير أكبر بكثير على حياة اليمنيين المحتاجين إلى المعونة، وأضاف أن “ما يجلب الناس إلى حافة المجاعة هو حقيقة أننا لا نملك المال، وأعتقد أن الدول التي كانت تساهم في العام الماضي تستحق اللوم بشكل خاص، إذ قالوا إنهم سيساهمون مرة أخرى هذا العام، ثم لا يدفعون، لأن تأثير ذلك هو إعطاء الناس الأمل في أنه ربما تكون المساعدة قادمة، ثم عندما لا تدفع، تتحطم آمالهم”.

وبين لوكوك أن الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة كانوا جهات فاعلة رئيسية في النزاع اليمني، معرباً عن أمله في أن تتعهد بقية الدول المانحة بالمزيد من الأموال لسد العجز الذي تركته الولايات المتحدة والسعودية والإمارات هذا العام.

وأشارت شبكة CNN  إلى أن التحالف الذي تقوده السعودية، وتُعتبر الإمارات شريكاً رئيسياً فيه، شن في العام 2015 حربا على اليمن على مدى السنوات الخمس الماضية، ودمر بدعم من الولايات المتحدة الكثير من المناطق ، وقد أظهرت تحقيقات سابقة أجرتها الشبكة أن حكومة الولايات المتحدة استفادت من الحرب، وذلك ببيع السعودية والإمارات العربية المتحدة القنابل والأسلحة المصنوعة في الولايات المتحدة، مضيفة أن الحصار البري والبحري والجوي الذي فرضته السعودية في بداية الحرب أدى إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية الأساسية والوقود، الأمر الذي جعل من الصعب توفير الخدمات الأساسية، بما في ذلك ضمان استمرار عمل سيارات الإسعاف.

وفي اليمن، يعتمد 80% من السكان على المعونة. وتشير أرقام الأمم المتحدة إلى أن وكالات الإغاثة لم تتلق سوى 30% من مبلغ 3.4 مليار دولار الذي تحتاج إليه لإبقاء البلد طافيا، وهي أسوأ حالة هناك منذ بداية الحرب. بينما تم تمويل الاستجابة الإنسانية هناك العامل الماضي بنسبة 87%.

ونتيجة لتخفيضات التمويل من قبل امريكا والسعودية والامارات، قال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، الذي ينسق الاستجابة الدولية في اليمن، لشبكة CNN، إن وكالات الأمم المتحدة اضطرت بالفعل إلى إغلاق أو خفض أكثر من 75% من برامجها هذا العام فقط، مما أثر على أكثر من 8 ملايين شخص، ومن بين أبرز هذه التخفيضات برنامج الأغذية العالمي وبرنامج منظمة الصحة العالمية في يوليو، حيث قررت إدارة ترامب رسميا سحب الولايات المتحدة من منظمة الصحة العالمية، ويدخل القرار حيز التنفيذ في يوليو 2021.

ويقدم برنامج الأغذية العالمي عادة إمدادات غذائية، مثل الطحين والبقول والسكر والملح، إلى 13 مليون شخص في الشهر باليمن، والآن 8.5 مليون من هؤلاء الأشخاص يحصلون على حصص إعاشة كل شهر تُقدر بنصف ما يحتاجونه فقط، وإذا لم يتلق البرنامج المزيد من التمويل، فإن 4.5 ملايين آخرين سيكونون في القارب نفسه.

وقال المتحدث باسم برنامج الأغذية العالمي أنابيل سيمنغتون لـCNN إن “الاضطرار إلى تخفيض كمية الأغذية التي نوزعها إلى النصف في الأساس يبعث على القلق الشديد”، مضيفا أن “اليمن يواجه خطر الانزلاق إلى المجاعة إذا كانت هناك اضطرابات طويلة في الإمدادات الغذائية”.

بدورها حذرت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف) من أن أكثر من مليوني طفل دون سن الخامسة يعانون من سوء التغذية، وأن 260 ألفا من هؤلاء الأطفال يمكن أن يفارقوا الحياة دون علاج غذائي أساسي، في ظل انخفاض تمويل الوحدات الطبية المتخصصة.

(6)

الأقسام: المراسل العام,تقارير المراسل