بروز ملامح هزيمة التحالف: اعترافات داخلية فاضحة ووضع كارثي في جغرافيا السيطرة

بيان “بن دغر” و “جباري” يحرج السعودية وانهيار العملة يشغل غضبا شعبيا واسعا ضد حكومة هادي ومشغليها

 

المراسل | خاص

تسارع بروز دلائل فشل وهزيمة التحالف السعودي في اليمن خلال الأيام القليلة الماضية بشكل ملحوظ، مع تزايد الانقسامات داخل حكومة هادي ومطالبة قيادات من الصف الأول فيها بإنهاء الحرب و”الحوار” مع صنعاء، وتحميل التحالف مسؤولية الأزمة الإنسانية والمعيشية المتفاقمة والتي ازدادت سوءا بشكل مخيف في المناطق الواقعة تحت سيطرة أتباع التحالف مع تسجيل العملة المحلية هناك انهيار جديدا غير مسبوق في تأريخ البلد.

وعلى الرغم من أن الانقسامات داخل حكومة هادي، ليست أمرا جديدا، إلا أنها برزت بمستوى عال قبل أيام، عندما أصدر كل من نائب رئيس “مجلس النواب” ورئيس “مجلس الشورى” المواليان للتحالف السعودي، عبد العزيز جباري وأحمد عبيد بن دغر، بيانا مشتركا اتهم التحالف بـ”الانحراف” عن أهدافه المعلنة، وسلب قرار حكومة هادي والتحكم بها، وممارسة “تدمير ممنهج” لليمن، وتجويع للشعب اليمني.

وطالب البيان بوقف الحرب والدخول في مفاوضات تشمل جميع الأطراف، مشيرا إلى أن الإعلام التابع للتحالف وحكومة هادي “لا يقول الحقيقة” بل يغطي على المعاناة التي يواجهها اليمنيون، والأوضاع المأساوية التي يعيشونها، في ظل “قطع المرتبات” وانهيار العملة المحلية.

البيان عبر بشكل صريح عن وصول الانقسامات داخل حكومة هادي إلى درجة يبدو معها أن قادة هذه الحكومة باتوا يبحثون عن “مفر” قبل الهزيمة النهائية، خصوصا وأن البيان تعمد الإشارة إلى “جهود مصرية” للسلام، الأمر الذي اعتبره مراقبون دلالة على أن بن دغر وجباري قد اتجها للتنسيق مع جهات أخرى للقفز من السفينة الغارقة.

النظام السعودي أبدى انزعاجا من البيان وشنت وسائل الإعلام السعودية الرسمية حملة تتهم بن دغر وجباري بأنهما يدعوان لعزل هادي، ويسعيان نحو “مصالح شخصية” غير أن ذلك لم يخف حقيقة أن هذا التفكك والانقسام يعبر بوضوح عن الوصول إلى حافة الهزيمة التي لم تنفك وسائل الإعلام حول العالم تتحدث عنها خلال الفترة الماضية وتلصقها بالسعودية، في سياق الحديث عن معركة مأرب.

البيان وعلى الرغم من محدودية تأثيره العملي، كان مزعجا للتحالف الذي يعيش فترة عصيبة يحاول فيها لملمة صفوفه وإعادة ترتيب أوراقه استعداد لمستقبل غير واضح المعالم (ما بعد مأرب)، وبالتالي فقد كشف بوضوح أن معادلات صنعاء العسكرية والسياسة هي الأكثر ثباتا على الطاولة وفي الميدان.

هذا أيضا ما علقت به قيادات سياسية في حكومة صنعاء، على رأسهم المتحدث باسم “أنصار الله” وكبير المفاوضين، محمد عبد السلام، الذي قال إن سنوات الصراع ومتغيراته أثبتت بشكل واضح “صوابية” خيار مواجهة التحالف والتصدي له، فيما علق نائب وزير الخارجية والقيادي بأنصار الله، حسين العزي، على البيان بدعوة من تبقى في صفوف التحالف إلى إلقاء السلاح واغتنام “فرصة العفو العام” وترك القتال لصالح قيادة باتت تتعرف بوضوح بالهزيمة.

كان صعبا على التحالف تجاوز هذه “الفضيحة” لأنها جاءت بالتزامن مع انهيار حاد وغير مسبوق للعملة في مناطق سيطرة أتباعه، حيث تجاوز سعر صرف الدولار الأمريكي حاجز 1700 ريال، وكاد يقترب من 1800 ريال، لتقفز معه أسعار السلع والمواد الغذائية إلى حدود جنونية جديدة تفوق قدرة المواطنين على التحمل، في ظل انقطاع المرتبات واستمرار نهب الموارد.

وأصدرت جمعية “المخابز” في عدن قرارا برفع سعر رغيف الخبز الواحد إلى 75 ريالا، في ظل إغلاق تام شهدته المحافظة وبقية المحافظات والمدن الواقعة تحت سيطرة التحالف وأتباعه، واحتجاجات غاضبة نددت بما أكدت أنه “سياسية تجويع ممنهجة” يمارسها التحالف ضد اليمن بتواطؤ ومساعدة من حكومة هادي.

وفي كريتر التي تضم قصر “معاشيق” والبنك المركزي، نصب محتجون خياما، للشروع في اعتصام مفتوح، الأمر الذي استجابت له قوات “الانتقالي” بانتشار مسلح كثيف.

هكذا، أعاد الانهيار وضع التحالف السعودي وأتباعه في مواجهة سخط شعبي، يشكل فضيحة أخرى تنسف كل الدعايات والمبررات التي تم الترويج لها خلال الفترة الماضية لجعل تدهور الوضع المعيشي أمرا “طبيعيا”، مثل إلقاء المسؤولية على “محلات الصرافة” أو الإعلان “مزادات” لبيع الاحتياطي الأجنبي، فمثل هذه الدعايات لم تعد قادرة على تبرير زيادة أكثر من 1000 ريال على سعر صرف الدولار منذ يناير الفائت، ووصول سعر كيس القمح إلى 50 ألف ريال.

وحتى اليوم لازالت الدعوات تتصاعد داخل عدن وأبين وحضرموت وتعز وبقية المحافظات الجنوبية للخروج بتظاهرات غاضبة واعتصامات قد يسعى التحالف وأتباعه لقمعها إذا لم يتمكنوا من السيطرة عليها.

وقد يساهم انهيار العملة في إبراز المزيد من الانقسامات داخل معسكر أتباع التحالف، إذا حاولت القيادات تفادي السخط الشعبي الذي من المؤكد أنه سيستمر وسيعود مجددا في جولات قد تكون أعنف، في ظل إصرار التحالف على إيصال العملة إلى أدنى مستوياتها.

(1)

الأقسام: الاخبار,اهم الاخبار