الصراعات ما تحت الرماد السعودي.. القبيلة في مواجهة انقلاب آل سلمان على نظام آل سعود “2”

المراسل : خاص

الصراع الخفي في نظام مملكة آل سعود لم يكن قريب عهد فبعد تمرد أتباعه من إخوان من أطاع الله ومواجهته لهم بمعركة السبلة ١٩٢٩ ، لكن الصراع لم ينته بعد اعلان تأسيس المملكة العام ١٩٣٢والتي يعود في جزء أساسي منها إلى الصراع بين العائلة المالكة وبعض المكوّنات النجدية، كما حصل في قضية تنظيم “نجد الفتاة” التي تأسست أواخر الخمسينيات وكان يجمع عدداً من الليبراليين النجديين أمثال عبد الله بن معمر، وفيصل الحجيلان، وناصر المنقور، ومحمد أبا الخيل، وكان يطالب التنظيم بنصيب أكبر لنجد في السلطة، بالرغم من استئثاره بها، ووصل الأمر أن طالب في إحدى مراحله بالحكم اللامركزي للضغط على الدولة كي يحتل بعض أفراده مناصب أعلى في الدولة.
وقد أثار اسم “نجد الفتاة” أسئلة حول دوافعه، لكونه يصدر عن نزوع مناطقي، إذ يتحدّر أفراد التنظيم من منطقة تحظى بامتيازات السلطة، ولها النصيب الأوفر في الجهاز البيروقراطي السعودي ، ولكن الصبغة “النجدّية” هنا تعكس تجاذباً داخل مجتمع السلطة، أي المجتمع النجدي، حيث يسعى كل طرف للحصول على حصّة أكبر وأثقل في الدولة، وعليه، فإن التنافس يبقى محصوراً داخل نجد (الإقليم والسكّان) على حساب بقية المناطق.
وعلى مستوى الكيان، أريد من المجتمع النجدي بكل تيّاراته أن يكون قوة حمائية للنظام السعودي، يشاركه في هواجسه، ومصالحه، والتهديدات المحدقة به.ومن ذلك المجتمع ذو الوزن الثقيل من رفض الإصلاح على المستوى الوطني تماماً كما رفض النظام السعودي في سياق الصراع المتجذر .
الصراع النجدي “القصيم وسدير”
الصراع داخل نجد على تقاسم النفوذ بين القبائل والمناطق له قصة أخرى . فمنذ تولي الملك خالد العرش سنة 1975 وحتى وفاة الملك فهد عام 2005 كانت الغلبة لمنطقة القصيم، وفي عهد الملك عبد الله (2005 ـ 2015) أصبحت لمنطقتي سدير وشقرا الأفضلية بفضل الدور الذي لعبه خالد التويجري، مستشار الملك عبد الله. ومنذ تولي سلمان العرش في كانون الثاني 2015 استعادت منطقة القصيم مكانتها المتميّزة في الجهاز البيروقراطي للدولة…
فقد كان الملوك السعوديون حريصين على إبقاء المجتمع النجدي متماسكاً، كي يحافظ على ولائه لهم، ويشكّل قاعدتهم الشعبية، ويدرأ عنهم الأخطار التي تتربّص بهم من المناطق الأخرى أو من خلف الحدود.
العوائل المتنافسة ..والمستقبل
وفي خارطة العوائل النجديّة المتصاهرة مع العائلة المالكة ظهر تنافس محموم بين أربع عوائل :
الأولى: آل فيصل (أحفاد الأمير فيصل بن تركي الأول بن عبد العزيز، أول وزير للداخلية توفي 1963)، وقد شكّل أكبر حاضنة للجناح السديري (السديريون السبعة: فهد، سلطان، نايف، سلمان، عبد الرحمن، تركي، أحمد) بكتلة بشرية تصل الى 4000 شخص. وقد سيطر آل فيصل، عبر عائلة السديري لجهة الأم، على مقدرات الدولة السعودية، باستثناء عهد الملك عبد الله (2005 ـ 2015)، حيث سعى فيها الى تفتيت العصبة السديرية وتجريدها من مواقع سيادية.
يتغلغل آل فيصل/ السديريون في المؤسسات السياسية والعسكرية والأمنية، الأمر الذي يجعلهم القوة النافذة والمؤثرة الأكبر في صنع القرارات الكبرى في المملكة.
الثانية: آل الثنيان، من عنزة في نجد، وهم من أبناء والد الملك عبد العزيز، عبد الرحمن، إلى جانب آل الفرحان وآل المشاري وآل جلوي. ويحتل هذا الفرع مكانة مهمة في المجال البيروقراطي المدني من السلطة، في مقابل السلطة السياسية والعسكرية التي يمسك بها آل فيصل. ويدين الثنيان في جزء كبير من نفوذهم لتداخلهم مع عائلة آل الشيخ. وتتألف قبيلة الثنيان من أكثر من ٣٠٠٠ شخص ، وهم منتشرون في أرجاء متفرقة من المملكة.
الثالث: آل جلوي، وهم فرع من آل سعود، ولعب دوراً محورياً في معارك عبد العزيز، وتولى إدارة المنطقة الشرقية لعقود من الزمن، ولا سيما في مرحلة انطلاق النهضة الصناعية/ النفطية وقدوم الشركات الاجنبية، الأميركية على وجه الخصوص. وقد دخل آل جلوي في خلاف مع آل فيصل وآل الثنيان على خلفية الانقسامات التي حصلت في عهد الملك سعود، حيث انحاز بعض أفراد آل جلوي الى جانب الملك سعود. وبعد مقتل الملك فيصل عام 1975، سعى آل جلوي الى تحسين مواقعهم داخل السلطة في مقابل الجناح السديري الذي نجح في السيطرة على المراكز الرئيسة في الدولة. وبعد تولي الملك فهد مقاليد السلطة سنة 1982، عمل على تعزيز مواقع السديريين في الجهاز البيروقراطي، وفي عام 1985 أصدر أمراً ملكياً بإعفاء الأمير عبد المحسن بن عبد الله بن جلوي آل سعود، وعيّن محمد بن فهد أميراً على المنطقة الشرقية، وبذلك أنهى احتكار آل جلوي إمارة هذه المنطقة، وأبقى لهم الإماراة على محافظة الإحساء (أميرها الحالي: سعود بن طلال بن بدر بن جلوي آل سعود). ولا يزال أبناء جلوي ينظرون الى أنفسهم شركاء في الدولة السعودية، ويتطلعون لاستعادة نفوذهم في المنطقة الشرقية.

الرابع: سعود الكبير بن عبد العزيز بن سعود آل سعود (ت 1959)، ابن عم عبدالعزيز، مؤسس الدولة السعودية. شارك الكبير مع الأخير في عدّة معارك، وزوّجه عبد العزيز شقيقته نورة، وبعد وفاتها زوّجه أختها حصة. وبرغم من أن أبناء هذا الفرع لا يطالبون بالخلافة بصورة علنية، ولكن يرون أن لهم حقاً تاريخياً في السلطة لدور والدهم في إقامة المملكة، وفي الوقت نفسه الانتماء لأسرة آل سعود.
بصورة إجمالية، فإن هذه الأفرع الأربعة من آل سعود تنظر بريبة الى تدابير محمد بن سلمان، ولا سيما السديريون منهم، ومن غير المستبعد لجوء المتضرّرين منهم إلى تشكيل تحالف انطلاقاً من مصلحة مشتركة أو خطر مشترك، وسوف يتعيّن على محمد بن سلمان التعامل مع شبكة معقدة من العوائل المتوغلة في تركيبة آل سعود.
والتحدّي الأكبر سيبقى داخل الفرع السديري نفسه، أو آل فيصل، لكون أفراده يمسكون بمفاصل حسّاسة في جهاز الدولة، وأيضاً لكون هذا الفرع منقسماً بشكل عميق في عهد سلمان، ونتيجة الإقصاء الشامل لأفراده واحتكار السلطة من قبل سلمان.
إلى جانب هؤلاء هناك قبائل نجدية خسرت مكاسب كبيرة في الآونة الأخيرة مثل التويجري، والنعيمي، والعواجي، وآخرين، وهناك من القبائل من يترقّب بحذر ما يخفيه ابن سلمان في ظل تفرد شبه واضح وتحت مبرر الإصلاح والحرب على الفساد، والتي كشفت أنها تجاوزت مجرد استعادة أموال مسروقة، أو مكتسبة بطرق غير مشروعة، وأن الأمر يتعلق بتعزيز قبضته على مقاليد السلطة.
بصورة إجمالية، هناك جمهرة نجديّة على اللائحة السوداء لدى ابن سلمان تشمل: رجال دين، ومن بينهم أعضاء في هيئة كبار العلماء، وزعماء قبائل، ورجال أعمال، وحتى من النخبة الثقافية والإعلامية. ولا بد من لفت الانتباه الى أن حملة مكافحة الفساد لم تقتصر على منطقة نجد، بل شملت المناطق كافة والمكوّنات السكانية عامة، وتمّ إيقاف شخصيات لم تكن بالضرورة ملوّثة بالفساد، ولكن لمجرد أنها ثرية أصبحت هدفاً للحملة، لأن المطلوب كان تمويل الصندوق الاستثماري ومشاريع بن سلمان الوهمية.
الانقلاب على نظام آل سعود …من خلفه؟!
كان السؤال لدى كثير من المراقبين والمهتمين عن كيف نجح محمد بن سلمان، بخبرته القليلة وتجربته القصيرة أن يطيح أركاناً في الدولة مثل محمد بن نايف، ومتعب بن عبد الله ومن ورائهما عشرات من الأمراء وكبار البيوتات في العائلة المالكة؟!!
كان من المستحيل تشكيل تحالف بديل وبسرعة قياسية على أنقاض شبكة تحالف شديد التعقيد من داخل العائلة المالكة، ومن القبائل النجدية، ورجال الدين، والتجّار، والمثقفين..الخ.والمثقفين.. لكن ما جرى كان متوقع حصوله ذات يوم، وقبل موت سلمان لضمان النجاح أولاً وتحقيق نتائج أفضل ثانياً.
لكن المهم كان من ساعد بن سلمان في تنفيذ هذه المهمة الشبه مستحيلة؟.
ما أفصحت عنه شهادات ودلالات الحدث كان يشير إلى حقيقة مشاركة ]شركات أمنية أجنبية[في الحملة ضد الأمراء، والوزراء، نوّابهم، ورجال الأعمال… وقد لفت الأمير عبد العزيز، نجل الملك فهد، في تغريدة له على حسابه في “إكس ” ما كان يعرف بتويتر إلى وجود عناصر “أجنبية” من ضمن الفرقة التي جاءت لاعتقاله. وسوف تكشف الأيام ما خفي من حقيقة الشركات الأمنية (الأميركية منها على وجه الخصوص). حيث ظهر استسلام المتضررين من أعضاء التحالف القديم بصورة نهائية ، لأن ذلك يفترض أن المعركة انتهت، فيما الصحيح هو أن المعركة في بدايتها، ولن تحسم بسرعة وبصورة هادئة.
هذا يعني ان هناك صفقة تمت لصالح الملك سلمان ربما ضمن صفقة القرن ، والهدف الانقلاب على الحكم السعودي بأسلوب ناعم وسلس ، لصالح حكم آل سلمان ومن سيواليهم من القبائل والأمراء ، ضمن ترتيب يقلب المملكة رأساً على عقب ، مع إظهار دبلوماسية سعودية ندية لواشنطن ، هدفها إخفاء حقيقة الانقلاب الذي تم داخل نظام مملكة آل سعود ، وهو ما تم فعلاً ، لكنه على حساب المعادلة ثلاثية المحاور التي قام عليها حكم ال سعود ، والتي بسببها دام هذا الحكم لليوم.
وكخلاصة، فإن معركة ابن سلمان مع المركز ـ نجد هي الأصعب في تاريخ الدولة السعودية، حيث تتهدّم أركانها، وإن المستقبل وإن حاول ابن سلمان استباقه بحسم نتائج صراعاته اليوم قبل الغد، فإنه يبدو شديد الغموض. وما يتغيّر الآن أكثر مما يثبت، وإن على القريب والبعيد توطين النفس على المفاجئات دائماً، ومن المؤسف أن تكون في الغالب غير سارة.
هل مهد طريق بن سلمان
في تقرير أمني سري رُفع إلى الديوان الملكي السعودي بعنوان “مخاطر المملكة من الداخل”، أشار إلى انتهاء خطر الإخوان المسلمين والجماعات الإسلامية داخل المملكة وأن المساجد باتت جميعها بيد أمن الدولة والشؤون الإسلامية.

مقابل ذلك أوصى بضرورة الانتباه إلى القبيلة والعمل على إنهاء خطرها عن طريق إسقاط وحدتها وهيبتها.
التمييز القبلي.. وسيلة آل سعود
يجرد آل سعود قبائل المملكة من أي حقوق لاسيما المشاركة السياسية أو إيجاد مساحة مستقلة كنظام برلماني منتخب يستوعب عن طريق الاقتراع الحر مثل هذه المجموعات القبلية، فيما يتورط باعتماد وسائل خبيثة بالتمييز القبلي لضمان ضرب صفوف القبائل وعدم توحدهم ضد النظام. هذه المساحة هي وحدها الكفيلة ليس فقط بإيجاد فرصة للمشاركة السياسية بل هي أيضا الخطوة الاولي لتحديث القبيلة وقيادتها حيث تخضع قيادة القبيلة نفسها للانتخاب وتتبعثر عن النمط الوراثي المعهود تقليديا.
في المملكة كانت هناك تجربة مختلفة الى حدّ كبير عن غيرها، فهي دولة لم يطأها المستعمرون الغربيون، ولم تنشأ أجهزتها عبرهم، كما هو الحال في كل دول الشرق الأوسط العربية، وهي ـ وإن كان البريطانيون قد ساهموا سياسياً ومالياً في ظهورها ـ فقد اتخذت سياسات مختلفة تجاه القبيلة بناء على تجربتها الخاصة بها.فالمملكة هي الدولة الوحيدة التي كان للقبائل دور بارز ومركزي في نشأتها من الناحية العسكرية عبر مشروع الإخوان وتوطينهم في (الهجر).
في العادة تنشأ السلطة المركزية أو أنويتها في مركز حضري ثم تتوسع تلك السلطة وتتعزز بخلق الأجهزة الأمنية والعسكرية وتمدّ سلطانها الى خارج المراكز الحضرية لتصل الى القبائل في الصحراء فتتصارع معهم وتخضعهم وتجذبهم اليها. أما في المملكة، فإن الذي حدث شيئاً معاكساً تقريباً.فقد نشأت السلطة في مركز شديد التصدع سياسياً، ولم يكن كثيف السكان، ولا يحمل أهمية استراتيجية من نوع ما.
كانت المشكلة التي واجهت هذا المركز (الرياض ـ نجد) هي الامتداد وإخضاع المراكز الدينية الأكثر أهمية في الشرق والغرب (الأحساء والقطيف والحجاز) بشكل خاص، عبر التوسع والاحتلال العسكري.
وحقيقة أن القبيلة في المملكة كانت أحد ثلاثة أطراف وقع عليها عبء تشكيل الدولة السعودية الحديثة: رجال المذهب الوهابي، والعائلة المالكة، والقبائل النجدية بشكل أساس. الطرف الأول وفّر الغطاء الديني القادر على الحشد والإطار الأيديولوجي للتوسّع، أما الطرف الثاني فقد مثل القيادة السياسية الواعية بمهامها وأهدافها، في حين أن الطرف الثالث شكّل وقود الحرب، والجيش الذي اقتحم الكيانات الأخرى الأكثر نضجاً فاقتلعها أو هكذا ظن.
معارضات أم ولاءات
تمر العلاقة بين آل سعود والقبائل التي تقطن الجزيرة العربية بمرحلة حرجة، اهم ملامحها بروز قيادات قبلية تقليدية وتاريخية علي الساحة من جديد ليس لتجديد الولاء للأسرة الحاكمة بل لتعلن معارضتها علي مسيرة الحكم وانفضاضها عن النظام.
منذ صيف عام 2006 خرجت أربعة شخصيات معلنة معارضتها للنظام من خلال منبر قناة الإصلاح والتي يديرها سعد الفقيه من لندن. كان من الممكن لهذه الشخصيات أن تنشئ منابر جديدة لها ولكنها آثرت الانضواء تحت خيمة واحدة وربما يرجع السبب إلى كون هذه القيادات لا ترغب أن تصورها الآلة الإعلامية الرسمية وكأنها قيادات تطمح لاستعادة أمجاد قبائلها أو حكمها في مناطق مختلفة من الجزيرة العربية بل تصبو للانضواء تحت منبر واحد يعطيها الزخم المرجو ويبعد عنها صفة الفئوية او القبلية الضيقة.
من هذه الشخصيات طلال الرشيد والذي له بعد في قبيلة شمر القاطنة في شمال الجزيرة العربية وتمتد إلى مناطق في سورية والعراق والأردن وبعض دول الخليج.
والشخصية الثانية هو ممدوح الشعلان من قبيلة عنزة والتي تدعي الأسرة الحاكمة الانتماء إليها وهي قبيلة أيضا ذات بعد جغرافي واسع في الشمال السعودي وسوريا والأردن.
وثالث هؤلاء هو مساعد الذويبي من قبيلة حرب الحجازية والتي هي أيضا تمتد إلى مناطق شمالية. ومؤخرا ظهر فيصل الحثلين من قبيلة العجمان والتي تمتد مساحتها التاريخية من وسط الجزيرة العربية إلى مناطق الخليج وخاصة الكويت.
والغريب في الأمر أن معظـم هؤلاء المتبرئين من نظام أل سعود يرتبطون بعلاقات مصاهرة مع افراد بارزين في الاسرة السعودية فكثير من نسائهم قد تزوجن في السابق من الملك عبد العزيز وأبنائه وليسوا من المعدومين الباحثين عن حصص جديدة من الطفرة النفطية الحالية.
وليس من الصدفة أن ينتمي هؤلاء إلى مجموعات قبلية كانت في السابق من اشد المعارضين لفرض هيمنة آل سعود على مناطق الجزيرة المختلفة، فقبيلة العجمان كانت لها صولات وجولات في مطلع القرن العشرين مع آل سعود وقد أدت المعارك الطاحنة حينها إلى قتل سعد بن عبد الرحمن آل سعود أخو الملك عبد العزيز، بالإضافة إلى فهد بن جلوي وهو من العائلة ذاتها.
أما قبيلة شمر فتاريخ صدامها مع النظام السعودي معروف وطويل يمتد إلى القرن الثامن عشر حينما أدي هذا الصدام إلى هجرة فروع من القبيلة إلى سورية والعراق وما تبقي من القبيلة في الجزيرة العربية واصل المواجهة حتي عام 1921 والتي انتهت بزوال امارة حايل وانضمامها الي الدولة السعودية.

وكذلك الشعلان الذين لم تنته سلطتهم على الجوف إلا بعد مواجهات مع نظام آل سعود.
لقد اتبع آل سعود أسلوبين معروفين في شق صفوف القبيلة. الاول هو إلباس التوسع السعودي عباءة الدين مما أدى إلى تبني بعض المجموعات القبلية هذا الخطاب من أجل تجييشها في سبيل المشروع السعودي وحربها بعضها لبعض حتى فقدت لحمتها.
والأسلوب الثاني قام على استغلال نظام آل سعود كون القيادة في قبيلة ما تكون عادة في بيت معين له تشعبات نسبية كثيرة فكان النظام يقتنص بعض الافراد من هذه البيوت ويجعل المشيخة أو إمارة القبيلة فيها مما يؤدي إلى تشظي البيوت ذات القيادة التاريخية.
وبعد تطويع هذه البيوت أو الأفراد فيها استعمل نظام آل سعود سياسة الزيجات الهادفة والتي تربط العائلة السعودية ببعض الفروع في بيوت المشايخ القبلية.
ومع قيام الدولة وتشعب مؤسساتها وجد هؤلاء أنفسهم خارج إطار الدولة الحديثة ورغم أن بعض القبائل تم احتوائها عن طريق مؤسسات عسكرية أولها جيش المجاهدين إلا أن اندماج بعض القبائل ذات العداوة التاريخية مع نظام آل سعود قد تأخر بسبب عدم وجود الثقة المتبادلة.
وقد انفجرت الصراعات بين آل سعود وأكثر القبائل ولاء للمشروع السعودي وخاصة قبيلتي عتيبة ومطير واللتين كانتا الركيزة الاساسية التي اعتمد عليها نظام آل سعود لنشر هيمنته على أكثر المناطق حيوية بالنسبة لمشروعه وهي الحجاز ومنطقة حائل.
وبعد أن ضمن آل سعود سيطرتهم على هذه المناطق عمدوا إلى تصفية أهم الشخصيات التي لعبت دورا مركزيا في بسط الهيمنة لهم. واليوم هناك سخط كبير ضد سياسة التمييز الرسمي بين القبائل،وكذلك تمييز القبائل ضد سكان المدن.
فالمملكة بلد التمييز الرسمي والتناقضات الحادّة، ليس فقط على الصعيد الطائفي: شيعة وسنة وسلفيين وهابيين، وليس فقط على الصعيد المناطقي، بل على الصعيد القبلي أيضاً.
هناك قبائل مغضوب عليها تحدّت سلطان آل سعود وحاربتهم، فحرمتهم من تبوّأ مناصب مهمة في الجيش أو الحرس أو حتى في البيروقراطية الرسمية.
ومن اجل تمتين العلاقات بين رموز الحكم والمجموعات الموالية خصص النظام السعودي لأفرادها وخاصة المرتبطين بعلاقات نسبية مع النظام مخصصات شهرية اعتبرها الكثير منهم تعويضات عن ما نهبه النظام من اموالهم وممتلكاتهم وديارهم خاصة بعد أن ألغى النظام حقهم في استعمال مواردهم في ديارهم التاريخية والمناطق الجغرافية التي كانت تحت سيطرتهم.
والواضح من تاريخ الصراع أن نجد على استعداد للنزول إلى الشارع، إن تطلّب الأمر، من أجل إجهاض أي حراك يطالب بالإصلاح والتغيير.
وما هو أبعد من حملة بن سلمان في نتائجها المباشرة، الماليّة على وجه الخصوص، أن تحويل الحاضنة النجدية إلى ساحة مواجهة بين الحاكم الفعلي للمملكة، محمد بن سلمان، ومع الأمراء والوزراء الذين ينتمون إلى قبائل نجديّة متحالفة مع آل سعود من شأنه تهديد الوجود البيولوجي للدولة.
ومعركة بن سلمان في الوقت الراهن وفي المستقبل هي مع نجد. وبالأرقام، عليه أن يخوض معركة مع 30 ألف أمير وأميرة من آل سعود، وإن نجح في استمالة البعض منهم، ومع جيش من رجال الدين يسيطر على مئة وعشرين ألف مسجد، وعشرة آلاف فرع من هيئة المعروف والنهي عن المنكر، ونحو مليونين من خريجي الجامعات والمعاهد الدينية، ومدارس تحفيظ القرآن، وآلاف من الدعاة المنبثين في داخل المملكة وخارجها، وبعض هؤلاء يعيش في الخارج بعد الحملة الأخيرة على تيار الصحوة، وقد يمارس فعلاً احتجاجياً من خلف الحدود.

(7)

الأقسام: الاخبار,اهم الاخبار,تقارير المراسل,عاجل,غير مصنف,مشَاهِد