مصير المحادثات: رسالة سعودية غير مباشرة لصنعاء لاحتواء تداعيات مجزرة سوق الرقو بصعدة

صحيفة المراسل|خاص:

كشفت الضربات العسكرية المتبادلة في المناطق الحدودية حجم التعقيدات التي تواجه المحادثات اليمنية السعودية الرامية إلى وقف الحرب، كما أكدت أيضاً صحة المعلومات التي كشفتها “صحيفة المراسل” في عددها السابع يوم الأحد الماضي عن وجود انقسام داخل الأسرة المالكة السعودية بشأن إنهاء الحرب على اليمن والتي تتضمن بصمات أمريكية تعبر عن وجود رؤية أخرى لدى الولايات المتحدة بشأن اليمن وتشير إلى عدم رضا واشنطن عن مسار تلك المحادثات وهو ما تسبب في وجود عجز سعودي عن الإمساك بزمام الأمور داخلياً وتوحيد الموقف، فيما تواجه صنعاء عبئ الضغوط الداخلية الغاضبة من الانتهاكات السعودية لمبادرة رئيس المجلس الأعلى مهدي المشاط على الرغم من أن قوات صنعاء توجه ضربات بين الحين والآخر رداً على تلك الانتهاكات غير أن سياسة عدم الإعلان عن تلك الضربات ساهم في مستوى الغضب الشعبي والمطالبات بإعلان إنهاء المبادرة.

وعلى غرار الزحف المفاجئ لأتباع السعودية في محافظة الجوف والتي اتضح أن قائد قوات التحالف السعودي فهد بن تركي آل سعود يقف وراءها، جاءت المجزرة المروعة يوم الثلاثاء الماضي باستهداف الطيران لسوق الرقو الشعبي في صعدة والذي أدى لاستشهاد 24 مدنياً معظمهم من المهاجرين الأفارقة وإصابة آخرين، والتي أظهرت أيضاً عمق الانقسام السعودي ووجود تنسيق أمريكي مع فهد بن تركي للتأثير على مسار المحادثات، حيث سارعت السعودية، وعلى غير العادة، إلى إصدار بيان باسم التحالف يفيد بإحالة قضية استهداف السوق الشعبي في صعدة للتحقيق من قبل اللجنة التي شكلتها السعودية والمتهمة من قبل منظمة الأمم المتحدة والمنظمات الدولية بعدم النزاهة.

وفي حين لم تضطر السعودية إلى إصدار بيان عاجل بالتحقيق في جريمة وقعت باليمن إلا في مرات نادرة تحت ضغوط دولية إلا أنها هذه المرة أصدرت بياناً بشكل عاجل رغم عدم وجود مثل تلك الضغوط، وهو ما اعتبره مراقبون تحدثوا لـ”صحيفة المراسل” رسالة سعودية لصنعاء بوجود مشكلة داخلية تعاني منها القيادة السعودية تتمثل في عدم قدرة محمد بن سلمان على ضبط التحركات العسكرية التي يقودها فهد بن تركي، مشيرين إلى أن القيادة السعودية تقف في موقف محرج فلا هي قادرة على الاعتراف بالمشكلة في وقت هي مضطرة للتوضيح لصنعاء بعدم رضائها على عمليات القصف وخصوصاً التي استهدفت سوق الرقو بصعدة.

وقال البيان السعودي الذي صدر باسم قيادة التحالف إنه تم ” إحالة إحدى نتائج عمليات الاستهداف بمنطقة العمليات للفريق المشترك لتقييم الحوادث للنظر باحتمالية خسائر عرضية وأضرار جانبية” في إشارة لعملية استهداف سوق الرقو بصعدة.

وفي إشارة على وجود رسالة سعودية لصنعاء، تضمن البيان على غير العادة أيضاً إشارة مسبقة إلى وجود خطأ فيما كانت بيانات التحالف السعودي عادة ما ترجح فرضية عدم وجود خطأ، حيث أشار البيان إلى أنه ” بناءً على ما تم الكشف عنه بالمراجعة الشاملة والتدقيق العملياتي وكذلك ما تم إيضاحه من القوات الأرضية التابعة لقوات التحالف أثناء الاشتباك مع قوات معادية متسللة باحتمالية وقوع خسائر عرضية وأضرار جانبية أثناء عملية الاستهداف” بحسب نص البيان.

من جانب آخر، وفيما تتحمل صنعاء أعباء عدم الإعلان عن ضرباتها العسكرية للعمق السعودي رداً على التحركات العسكرية، فإن وقوع جريمة سوق الرقو بصعدة دفع قوات صنعاء للإعلان عن عملية صاروخية استهدفت معسكراً سعودياً في نجران وأدت لمقتل وإصابة العشرات، استخدم فيها صاروخ باليستي عالي الدقة وينتمي للصواريخ الباليستية الذكية.

في هذا السياق أعلن متحدث القوات المسلحة العميد يحيى سريع، يوم الجمعة الماضي، أن القوة الصاروخية تطلق ظهر اليوم صاروخ بالستي نوع بدر 1_p على معسكر قيادة اللواء التاسع عشر حرس حدود وطني في بئر عسكر بنجران، مؤكداً أنه كانت الاصابة دقيقه حيث سقط العشرات من الجيش السعودي بين قتيل ومصاب بينهم ضباط”.

وأوضح العميد سريع أن العملية “في اطار الرد المشروع والطبيعي على جرائم النظام السعودي والتي كان اخرها جريمة سوق الرقو بمحافظة صعدة”.

وحول ما إذا كانت العملية الصاروخية، التي تعلن لأول مرة منذ إطلاق مبادرة المشاط في 21 سبتمبر، بمثابة إعلان غير مباشر بإنهاء المبادرة، أكد مصدر في صنعاء لـ”صحيفة المراسل” أن الرئيس المشاط كان واضحاً في أحد خطاباته عقب المبادرة أن القوات اليمنية تحتفظ بحق الرد على أي انتهاكات سعودية للمبادرة وأن العملية الصاروخية تأتي في هذا السياق ما يعني أن المبادرة ما تزال قائمة خصوصاً أن المحادثات بين صنعاء والرياض ما تزال أيضاً قائمة وتشهد تشكيل لجان عسكرية من الطرفين لوقف إطلاق النار في الجبهات.

أما عن الانتهاكات السعودية للمبادرة والتي أخطرها الزحف في الجوف والمجزرة التي وقعت بصعدة وعلاقتها بوجود انقسام سعودي داخلي، فرأى المصدر أن ذلك ممكناً، مشيراً إلى أنه ربما يعد تكراراً لما حدث في 2016م أثناء ما عرف بـ”محادثات ظهران الجنوب” والتي كان يتزعمها من الجانب السعودي آنذاك محمد بن نايف الذي كان ولياً للعهد فيما كان جناح محمد بن سلمان الذي كان لا يزال وليا لولي العهد يعمد إلى ارتكاب مجازر مماثلة أهمها مجزرة سوق مستبأ بحجة للتشويش أو لإفشال تلك المحادثات، مع فارق أن محمد بن سلمان هذه المرة يقف موقف محمد بن نايف مقابل فهد بن تركي آل سعود.

(322)

الأقسام: الاخبار,المراسل السياسي,اهم الاخبار,تقارير المراسل,عاجل

Tags: ,,,,,