نائب مدير البرنامج الوطني لمكافحة الملاريا لــ”المراسل”: العام المنصرم 2019 من أكثر الأعوام فتكاً باليمنيين بعد وفاة 255 بالملاريا والضنك

حاوره | هاني أحمد علي:

يعد العام المنصرم 2019 من أكثر الأعوام فتكاً باليمنيين بعد أن ظهرت موجة شديدة من وباء حمى الضنك منذ مطلع شهر أكتوبر وأستمر في الارتفاع ووصل إلى أعلى نسبة ارتفاع في شهر نوفمبر وديسمبر، بلغت خلالها عدد الحالات المشتبهة والمسجلة لمرض الضنك خلال هذا العام 76858 حالة مصابة مقارنة بـ 27983 حالة في عام 2018، أما خلال العام الجاري 2020 وفي شهر يناير فقط وصل عدد الحالات المبلغ عنها إلى 15959 حالة، أما عن الوفيات فشهد العام 2019 أعلى نسبة وفيات، حيث وصلت إلى 255 حالة وفاة.

 

158133 حالة إصابة بالملاريا

وحول الحديث عن الأوبئة المنقولة بالبعوض (الملاريا، حمى الضنك والفيروسات النزفية) يؤكد الدكتور محمد الهادي – نائب مدير البرنامج الوطني لمكافحة الملاريا، أن العدوان والحصار على اليمن ساهم بصورة مباشرة في انهيار البنية التحتية في المدن والقرى والتي كانت ضعيفة في الأصل، موضحاً أن الضعف في البنية التحتية انعكس على شكل أوبئة وأمراض يتحمل أعبائها النظام الصحي، فمنذ بداية الحرب سجل ظهور أوبئة لم تكن موجودة قبل، كما شهدت اليمن ارتفاعا في معدلات المرض والوفيات وسوء التغذية لدى السكان بصورة كبيرة جدا، وحدث تنقلات وبائية داخلية وتغيرت الخارطة الوبائية نتيجة حركة النزوح الداخلية للسكان خصوصا في المناطق التهاميه وتم اعتبار الوضع الإنساني والصحي في اليمن كأسوأ كارثة إنسانية في الوقت الراهن.

ويشير الدكتور الهادي في حوار مع صحيفة “المراسل” إلى أن عدد حالات الإصابة بمرض الملاريا في اليمن أرتفع بشكل واضح منذ بداية الحرب على اليمن في 25 مارس 2015، كما أن النظام الصحي تأثر بشكل كبير جدا نتيجة نقص الموارد وانقطاع موازنات القطاع الصحي ومخصصات المعالجة والمكافحة، حيث وصل نسبة العجز في موازنة المكافحة إلى أكثر من 75% كذلك تسبب العدوان في حرمان السكان من الخدمات الأساسية مثل الكهرباء والمياه وانقطاع الرواتب وتدهور الوضع الاقتصادي للمواطن وهذه العوامل ترتبط مباشرة بانتشار الأوبئة والأمراض منها مرض الملاريا والضنك والأمراض النزفية المنقولة بالبعوض، كما لجأ السكان إلى تخزين المياه في منازلهم وغياب خدمات البنية التحتية مثل الصرف الصحي وتصريف مياه الامطار، ولجأ المزارعون الى وسائل بدائية، بالإضافة إلى أن حركة النزوح للسكان كلها أدت الى توفر بؤر توالد لبعوض الملاريا وارتفاع الكثافة الحشرية للبعوض الى مستويات حرجة متسببة في ظهور اوبئة خصوصا في المناطق التهامية.

وتوضح البيانات الإحصائية للأعوام  2016 – 2017- 2018 – 2019  الارتفاع الحاد في معدلات الإصابة بمرض الملاريا، وفي العام المنصرم 2019 وصلت نسبة الحالات المؤكدة الى 158133 حالة والذي يعد أعلى نسبة مقارنة بالأعوام السابقة، ويتوقع البرنامج الوطني لمكافحة الملاريا في اليمن أن تكون الإصابة بالمرض تفوق 3 أضعاف الرقم المذكور، كون المرافق الصحية التي تقوم بالتبليغ لا تمثل سوى 50% من إجمالي المرافق في الجمهورية اليمنية كما ان العديد من المرضى لا يتمكنون من الوصول إلى المرافق الصحية.

 

حمى الضنك والفيروسات النزفية

ويقول نائب مدير البرنامج الوطني لمكافحة الملاريا في حديثه لصحيفة المراسل، إن الخطورة على المصاب بمرض الضنك تزداد إذا كان سبق إصابته من قبل، كذلك إذا ترافقت الإصابة مع إصابة مزدوجة بفيروس نزفي من نوع أخر أو كان المصاب يعاني من ضعف نتيجة سوء تغذية أو يعاني من أمراض مزمنة أخرى، وقد يتسبب ذلك بدخول المريض في مضاعفات تتمثل في الحمى النزفية وقد تؤدي الى الوفاة.

ويلفت الدكتور الهادي إلى أنه ترافق ظهور وباء الضنك في أكتوبر 2019 مع ظهور حمى الشكونغونيا (المكرفس) مرض فيروسي ينتقل بنفس البعوضة (الزاعجة المصرية)، ومرض الشيكونغونيا ظهر قبل عشر سنوات واختفى ثم عاود الظهور في العام الجاري 2019 بالتزامن مع وباء الضنك، كذلك ظهور حمى غرب النيل أيضا بالتزامن مع الضنك و الشيكونغونيا، فمرض حمى غرب النيل مرض فيروسي ينتقل عن طريق بعوض من فصيلة (الكيولكس) التي تفضل مياه المجاري والصرف الصحي، ومن المرجح ان مصدر هذا الفيروس انتقل مع المرتزقة الأفارقة الذين جلبهم تحالف الحرب إلى المناطق الجنوبية والمناطق الحدودية.

 

تدخلات الصحة لمواجهة الأوبئة

وحول تدخلات وزارة الصحة العامة والسكان لمواجهة هذه الأوبئة في اليمن ينوه نائب مدير البرنامج الوطني لمكافحة الملاريا إلى العديد من الخطوات أبرزها، مكافحة النواقل (البعوض) عبر حملات المكافحة الكيميائية سواء رش المنازل بالمبيد متبقي الأثر او المكافحة الضبابية والمكافحة اليرقية في المناطق الموبوءة كذلك توفير الناموسيات للسكان الأكثر عرضة لخطر الإصابة وغيرها من أنشطة المكافحة الوطنية، وكذا معالجة المرضى وتوفير الأدوية في المرافق الصحية وعبر المعال جة المجتمعية عن طريق المتطوعين الصحيين في المجتمع، بالإضافة إلى التوعية الصحية عبر أنشطة التثقيف الصحي عبر وسائل الإعلام أو عن طريق التثقيف المباشر من منزل إلى منزل بالتنسيق المشترك مع القطاعات الوطنية ذات العلاقة للحد من بؤر تكاثر البعوض.

ويضيف الدكتور الهادي أن مهام المكافحة الحشرية ومعالجة المرضى الذي تقوم به وزارة الصحة كاستجابة طارئة تعطي نتائج مؤقتة حتى تتيح لباقي القطاعات للقيام بدورها في التخلص من مصادر تلك الأوبئة المتمثلة في مصادر تكاثر البعوض من مستنقعات وخزانات وصرف صحي والبؤر المائية في المنازل والأحواض المائية المتواجدة داخل الأحياء السكانية والقريبة منها كذلك المخلفات بمختلف أنواعها التي توفر مصادر لتجمع المياه وتكون ملاذا لتكاثر البعوض كما ان مياه الإمطار التي لا يتم تصريفها وتبقى متجمعة تشكل خطرا حقيقيا لظهور تلك الأوبئة.

ويشدد على الجهود المشتركة بين قطاعات الدولة والمجتمع لتحسين البنية التحتية للسكان الإصحاح البيئي مثل توفير مشاريع شبكات مياه آمنه وتوفير صرف صحي سليم وقيام السلطات المحلية والأشغال والنظافة والزراعة التخلص من أي بؤر مائية ومستنقعات ومخلفات تتسبب في تكوين بؤر ومصادر لتك الأوبئة والتي تقع على عاتق قطاعات الدولة المختلفة، مضيفاً: ولابد ان تترافق تلك الجهود مع جهود مجتمعية يجب ان يقوم بها المجتمع على مستوى الأسرة والفرد في القيام بالتخلص من مصادر توالد البعوض في المنازل والاحياء والقرى المتمثلة في المياه الراكدة عبر ردم تلك البؤر ومنع تسريب المياه من الخزانات وتغطية الخزانات وأوعية المياه لمنع البعوض من الوصول اليها والتكاثر فيها، مبيناً أن مواجهة الأوبئة والأمراض يتطلب جهود وطنية مشتركة وهبه شعبية ومجتمعية يمكن فقط عبرها أن يصبح يمننا خالي من الأوبئة.

(22)

الأقسام: الاخبار,تقارير المراسل