تزوير صلاحية المنتجات والسلع ( المراسل) مواد غذائية منتهية الصلاحية في صنعاء

المراسل: محمد الكامل

تموج أسواق صنعاء بالمنتجات المنتهية بعد تزوير تواريخ صلاحياتها في معامل خاصة، او السلع الغذائية والمنتجات الموشكة على انتهاء الصلاحية والتي تنتشر بين أرجائها وتباع في وضح النهار على عربات او محلات خاصة تعرف في المصطلح العامي بمحلات البضائع المقربة (تاريخ انتهائها قريب) كما ان الاقبال الشديد على هذه البضائع الموشكة على الانتهاء بسبب رخص ثمنها ما جعل بعض البقالات والدكاكين الخاصة بالمواد الغذائية تخصص جزء من أركانها لهذه البضائع المقربة جنبا الى جنب العصائر والمعلبات الغذائية السليمة بالإضافة الى التلاعب في الأسعار ومخالفة المواصفات القياسية.

صحيفة المراسل سلطت الضوء على هذا الموضوع وذلك بالنزول الميداني الى بعض الأسواق في العاصمة والتقت عدد من المواطنين والتجار الى جانب تصريحات لعدد من الجهات المختصة ذات الصلة وكانت هذه الحصيلة.

 

تجار لا نجبر أحد على الشراء.. وأطباء يكشفون الأضرار:

بدر علي صاحب بقالة في احدى حارات العاصمة يقول هناك تجار متخصصون في بيع الضائع المقربة والامر ليس خفية ابدا وليس عيب هي منتجات مقربة ولم تنتهي بعد تواريخ صلاحياتها، كما ان الناس تلجأ الى شراء هذه البضائع لرخص ثمنها مقارنة بالسعر للمواد الغذائية غير المقربة‘‘، مضيفا: مثلا عصير فيمتو(مرحبا) في كراتين المقرب سعره 50 ريال، بينما سعره العادي غير المقرب 200 ريال‘‘.

مشيرا ان الامر كله لا يمثل أي خطر طالما لم يشتكي أحد من المستهلكين، رغم ان هذه البضائع لا تلتزم بأدنى معايير الصحة والسلامة.

برباطة جأش يقف التاجر المشهور باسم حلاوى في احد الاسواق إلى جانب بضاعته التي تتكون من ألبان وعصائر معروضة على عربة بعجلتين في الهواء الطلق تحت أشعة الشمس قائلا: “لا أجبر أحدا على شراء البضاعة، ولا أشعر بوخز الضمير، إذ لا أقوم بعمل غير أخلاقي وانتهاء تاريخ الصلاحية لا يعني أنها تسبب تأثيرا على الصحة؛ فتاريخ انتهاء الصلاحية هدفه التحذير ليس إلا!”، وهو ما رفضه المختص في الطب العام، الدكتور مجاهد اليوسفي مؤكدا أن المعلبات الغذائية منتهية الصلاحية تمثل أكبر تهديد للصحة إذ يبدأ ضررها من التسمم الغذائي ويصل حتى سرطانات الجهاز الهضمي والبلعوم والمريء.

 

مواطنون على الجهات المختصة تحمل مسؤولياتها:

صابر الحرازي يؤكد ما يتم من تزوير في تواريخ صلاحية بعض السلع حيث يقول: اعمل في معمل طباعة دعاية وإعلان وغالبا يأتي الي أكثر من زبون اسبوعيا يطلبون مني عمل كليشات لتواريخ الإنتاج والانتهاء وهو ما ارفضه تماما واعتذر عن أي عمل”.

مختتما كلامه بقوله: ان مواطن من أبناء هذا الشعب في الأول والأخير وما يحصل من غش وتزوير مخالف لدين الله وللفطرة الإنسانية السليمة

وأضاف: أقول للتجار ضعفاء النفوس اتقوا الله فيما تقدمون وتبيعونه هذا الشعب مش ناقص، كما أطالب الجهات المختصة والرقابية سواء الهيئة العامة للمواصفات والمقاييس وضبط الجودة او وزارة التجارة والصناعة بتكثيف عمليات الرقابة والتشديد على الإجراءات ومعاقبة المخالفين من التجار والمتلاعبين بأسعار المواد الغذائية والمنتجات المختلفة وتزوير تواريخ صلاحياتها دون حتى وخزة ضمير”.

المواطن محمد السالمي يقول: في الحقيقة انا حريص في هذا الامر وليس كل ما اجده اشتريه فرخص ثمن الشيء يثير شكوكي خاصة اننا في حالة حرب وعدوان والذي يمثل فرصة للكثير ممن نزع الله من قلوبهم الخوف وعدم استشعار الرقابة الإلهية مع ضعف أجهزة الدولة الرقابية والسعي لتزوير المنتجات المختلفة والتلاعب بتاريخ صلاحياتها، وأيضا انتشار المواد الغذائية القريبة من الانتهاء حتى أصبح لها تجار مخصصون في بعض الاسواق دون حسيب او رقيب من أحد “.

مختتما حديثه بقول: احمل الدولة والجهات المختصة بأجهزتها الرقابية والتفتيشية كامل المسؤولية فأنتم محاسبون امام الله وامام هذا الشعب عليكم القيام بواجبكم دون تهاون او تقصير واستشعار حجم مسؤولياتكم”.

 

العقوبات لا ترقى الى مستوى الجريمة المرتكبة:

ويرى رئيس الجمعية اليمنية لحماية المستهلك فضل مقبل منصور ان تدني المستوى المعيشي والاقتصادي للمستهلكين واتساع مساحة الفقر الى ما نسبته أكثر من 85% من سكان الجمهورية نتيجة العدوان الغاشم، هذا دفع التجار ضعفاء النفوس الى استغلال احتياجات لناس بممارسة الغش والتقليد للمنتجات والسلع سواء الغذائية او الادوية والملابس وقطع الغيار”.

ويضيف: منصور وخاصة مع جائحة وباء كورونا انتشرت المستلزمات الطبية المغشوشة والمقلدة مثل المعقمات والمطهرات والكمامات وغيرها‘‘.

منوها ان”  للغش والتقليد أضرار صحية خطيرة وأضرار اقتصادية، فقد تكون السلع الغذائية المنتهية او قريبة الانتهاء او الادوية التي يقتنيها المستهلكين تسبب لهم اما تسممات او تشوهات او أمراض مزمنة او الوفاة”، مضيفا : والكارثة عندما تشتري دواء لمعالجة التسممات الغذائية او خلافة او للأمراض المزمنة ويكون الدواء مغشوش او مهرب النتيجة الوفاة ، بينما الاضرار الاقتصادية في انتشار السلع المقلدة والمغشوشة ،او القريبة من انتهاء صلاحياتها مغادرة رؤوس الأموال المحلية والأجنبية ، عزوف المستثمرين عن الاستثمار بسبب ظاهرة الغش والتقليد وانعدام الحماية”.

واشار منصور ان”  قانون حماية المستهلك الذي ينص على الحبس لكل من زور او قلد ومارس الغش لعلامة تجارية او نموذج صناعي للغير، كما يتحمل التعويض عن الضرر الذي لحق بالمستهلك جراء استخدام او استهلاك السلعة محل الغش”.

واتبع حديثه ” الا ان العمل بهذا القانون محدود بمنعه من قبل النيابات والمحاكم، بالإضافة الى ان القوانين الاخرى العقوبات لا ترقى الى التجريم وهو المطلوب، حيث العقوبات لا ترقى الى الجريمة المرتكبة والضرر الذي يلحق بالمستهلك جراء الغش والتقليد سواء في دواء او غذاء او مبيد زراعي او غيره”.

وقال منصور: هناك طرق ووسائل متعددة للتزوير والغش للمنتجات والتي تتطور وسائلها المستخدمة من قبل ممارسي وممتهني الغش والتقليد، في المقابل لم ترتقي الأجهزة المختصة الى مستوى التطور الذي وصل اليه الطرف الاخر”.

مبينا ان ” التزوير يتم بتقليد العلامة التجارية المشهورة او المستخدمة والتي ارتبط جودة السلعة بذهن المستهلك لهذه العلامة التابعة لشركة ما، الى جانب تزوير لتاريخ الانتاج والانتهاء وذلك بمسح التاريخ وازالة فترة الصلاحية السابقة وكتابة فترة صلاحية جديدة او تغيير الليبل بالكامل من خلال طباعة بيانات جديدة”. مؤكدا ان” هذه الحالات منتشرة بكثرة حيث تم قبل شهر  ضبط معملين بأمانة العاصمة ومحافظة صنعاء تقوم بالغش والتقليد وطباعة ملصقات لعلامات تجارية وبيانات لسلع مختلفة كما تقوم بتعبئة مواد مغشوشة تحت علامات مشهورة”.

مشيرا الى ” صعوبة اكتشاف السلع المغشوشة والمقلدة من قبل المواطنين، منوها ان ” الرئيس يتحمله التاجر الذي تم تقليد علاماته التجارية والاجهزة الرقابية المختصة، بينما المواطن يمكنه الشراء من المحلات التي يثق بها وعدم البحث عن الرخيص وتجنب الشراء من الاسواق الشعبية او الباعة المتحولين وباعة الارصفة، الى جانب قراءة بيانات السلعة بعناية وعدم شراء اي سلعة لا تحمل اي بيانات او جزء منها كبلد المنشاء وتاريخ الانتاج والانتهاء وغيرها من بيانات السلعة”.

واكد منصور ” على ان الرقابة مسؤولية مشتركة بين جميع الجهات فهناك رقابة واجراءات عند الحدود وفي المنافذ الجمركية من قبل الجمارك وهيئة المواصفات والمقاييس ودور في الأسواق، أضف الى ذلك وزارة الصناعة والسلطة المحلية، وبالتنسيق مع القطاع الخاص المتضرر من عملية الغش والتقليد وفي مقدمة ذلك الغرف التجارية والصناعية “، مشيرا ان الجمعية تقدمت بالعديد من المقترحات لتفعيل آلية التنسيق والتعاون بين الأجهزة المختلفة لكبح جماح هذه الظاهرة”.

وزاد بالقول: الجمعية كمنظمة مجتمع مدني علمت على تسليط الضوء على هذه القضية منذ تأسيس الجمعية عام ٩٧ وعقدت ورش العمل والندوات وكان اخرها تنظيم ثلاث ورش عمل خلال عام ٢٠١٩ كلها تتعلق بالغش والتقليد التجاري وحقوق الملكية الفكرية وعلاقتها بحماية المستهلك ، كما تم تدريب الأجهزة المختلفة خلال أسبوع كامل مطلع العام ٢٠٢٠ بما فيها النيابات المتخصصة ومحاكم الاستئناف والتجارية بأمانة العاصمة ومكتب النائب العام والجمارك والمواصفات والقطاع الخاص وأجهزك الضبط القضائي في مكتب الصناعة والتجارة وصحة البيئة بأمانة العاصمة”.

مواصلا حديثه: ولم يقتصر الامر على ذلك بل تم تعزيز الوعي لدى المستهلكين من خلال فلاشات تلفزيونية واسكتشات إذاعية حوارية تتضمن الكثير من قضايا الاستهلاك بما فيها الغش والتقليد التجاري، واستخدام وسائل التواصل الاجتماعي وبث الاسكتشات الانفوجرافيك والرسائل القصيرة التوعوية، رغم وضع الجمعية المالي الصعب وتوقف الدعم عنها الا انها لا زالت تمثل صوت المستهلك”.

وتمنى منصور: الاستمرار في تمويل عمليات الضبط، بالإضافة الى وضع مكافئات مجزية لكل من يبلغ عن محلات او معامل او مصانع تقوم بعملية التزوير والغش، والاهتمام بتوفير الإمكانيات للمباحث والتحري، وتتويج كل عملية بإجراء قضائي رادع لا ان يتم فرض غرامة دون إغلاق المعمل او المصنع الذي قام بممارسة الغش او التقليد والتزوير، وكذلك الحبس للأشخاص ومالكي هذه المعامل والمصانع التي تقوم بهذه الاعمال والممارسات المنافية للدين والقانون والقيم والأخلاق”.

وشدد في ختام كلامه “على دور القطاع التجاري وفي مقدمتهم الغرف التجارية بتفعيل دور ادارات مكافحة الغش بالغرف ورصد الحالات والتنسيق مع الجهات المختصة”، منوها ان ” على المحلات التجارية، والمولات والسوبر ماركت عدم الشراء الا من الوكيل الرسمي للمنتج او الموزع المعتمد للمصنع وعدم الشراء من اي شخص لسلع قد تكون مقلدة نتيجة انخفاض السعر عن سعر السلعة الأصلية بهدف الربح دون النظر للضرر الذي سيلحق بالمستهلكين نتيجة اقتنائهم لهذه السلع او المنتجات المقلدة”.

وأضاف: كما نطالب بتطبيق المواصفات القياسية المحلية او العربية على كافة السلع المستوردة بما فيها الملابس وأدوات البناء وقطع الغيار والأجهزة الإلكترونية والكهربائية وغيرها من السلع، ودون البحث عن الرخيص وأقل جودة بهدف تحقيق اعلى معدل للربح ومستقلين حاجة المستهلكين لتوفير متطلباتهم الاساسية ووضعهم المعيشي”.

 

العمل مستمر:

في السياق مدير مكتب وزارة الصناعة والتجارة بأمانة العاصمة صادق صلاح من جانبه قال مختصرا ” بناء على توجيهات فخامة الرئيس باستمرار اللجان والنزول لضبط استقرار الاسواق وحماية المستهلك حيث دشن عمل نزول اللجان الميدانية كل من معالي وزير الصناعة والتجارة ومعالي امين العاصمة”.

وأضاف صلاح ” ومع ان عمل اللجان ما زال مستمرا الا ان نتائج اعمال اللجان الميدانية لضبط استقرار الاسواق والاجراءات الاحترازية وحماية المستهلك مؤخرا خلال عشرة أيام من شهر رمضان قام المكتب بتكليف ١٨ لجنة نزول ميداني ولثلاث فترات باليوم، والتي توزعت على جميع مديريات العاصمة صنعاء، مبينا ان” النتائج على النحو التالي: أولا نتائج النزول الميداني: عدد المستهدفين 2411، من المحلات والمراكز التجارية وغيرها، بينما عدد الملتزمين 420، كما تم اصدار 768 تعميم، بعدد 1223من المحاضر، و1458 من المخالفات”.

 

مخالفات متنوعة:

واكد صلاح بأن” المخالفات التي رصدتها اللجان الميدانية كانت متنوعة حيث تم رصد 330 مخالفة عدم اشهار، 791 مخالفة رفع سعر، 24 مخالفة بيع سلع تالفة ومنتهية، الى جانب 20 مخالفة عدم وجود ميزان، و74 مخالفة نقص وزن الرغيف، 24 مخالفة رفض تفتيش، وإجراءات احترازية بعدد 72 مخالفة، واشتراطات فنية (معامل/ مصانع) عدد 8 مخالفات، وأخيرا رصد مخالفات غير مطابقة للمواصفات وأخرى بعدد115 مخالفة”.

 

الإجراءات المتخذة:

وفيما يخص الإجراءات التي تم اتخاذها في حق المتلاعبين بالأسعار وبيع السلع المنتهية والمقربة وتزوير تواريخ صلاحياتها أوضح صلاح بأنه” تم تغريم المخالفين مبالغ مالية بأجمالي 6,534000، الى جانب 15 محضر اغلاق من المحلات والمراكز المخالفة، بينما كانت كمية السلع التي تم تحريرها 518 كرتون وكيس وعبوات مختلفة لسلع غذائية مشكوك بصلاحياتها، فيما جاءت كمية سلع السحب/المصادرة 356 كرتون وكيس ودبة سلع غذائية ومنظفات مخالفة للمواصفات، هذا بالإضافة الى 39 إحالة للنيابة، و533 محاضر تم البت بها، من اجمالي 690 محاضر متبقية قيد الاجراء”.

 

(131)

الأقسام: المراسل السياسي,تقارير المراسل