بعد فشل الورقة العسكرية في حربها على اليمن: مسارات الحرب الإعلامية التي خاضتها الرياض وأبوظبي ضد صنعاء

المراسل | الكرار المراني

منذ شن التحالف السعودي الإماراتي حربه على الشعب اليمني في 26 مارس 2015 م، إعتمد بشكل مباشر على الإعلام في خوض حربه إلى جانب القوة العسكرية، لذلك بدأ تلك الحرب الإعلامية الشعوى على عدة مسارات.

 

المسار الأول “إستهداف الإعلام الوطني”

جاء الإستهداف للإعلام الوطني رغم قلة موارده وإمكانياته من أجل إفراغ الساحة الإعلامية من الصوت المناوى وإحكام السيطرة له للتفرد ببث أكاذيبه والشعائعات المفبركة، من أجل أن يخلو له فضاء التأثير في جمهور المتلقي يمنيا وعربيا ودوليا، فأقدم منذ اليوم الأول للعدوان على حجب عدد من الفضائيات والتشويش عليها واستنساخ بعضها، فيما حجب بعض الصحف العربية والمواقع الإلكترونية التي تعاطفت مع مظلومية الشعب اليمني.

هنا سنستعرض بعض تلك المحاولات البائسة لتكميم الأفواه، حيث أقدمت إدارة “عربسات” على حجب عدد من القنوات تصدرت فيها قناة المسيرة الفضائية القائمة حيث تعرضت قناة المسيرة للحجب تسع مرات على التوالي، فيما تم حجم المسيرة مباشر مرتين، كذلك تعرضت قناة الساحات واليمن الرسمية واليمن اليوم للحجب.

لم يقتصر الإستهداف على العالم الوطني بل وصل للقنوات والوسائل الإعلامية العربية، حيث تعرضت قناة المنار والميادين  اللبنانيتين وكذا قناة العالم الإيرانية للحجب، على مدار قمر عربسات.

الصحف والمواقع الإلكترونية لم تكن أقل حظاً بل هي الأخرى تعرضت للحجب، حيث أقدمت السلطات السعودية على حجب الموقع الإليكتروني لصحيفة الأخبار اللبنانية عن التصفح داخل المملكة، كما أقدمت السعودية على حجب الصحيفة الإليكترونية رأي اليوم عن التصفح داخل المملكة منذ أغسطس 2015م،.

حيث كانت الأخبار ورأي اليوم، قد سلطت الضوء على الحرب اليمن، والجرائم التي يرتكبها التحالف السعودي الإماراتي بحق المدنيين، وغطت بطولات وإنتصارات الجيش واللجان الشعبية على قوات التحالف وأتباعها في الداخل والعمق السعودي.

الملاحظ إن السعودية في كل إستهدافها للإعلام الحر والمقاوم، كانت تتفق مع إسرائيل حيث إستهدفت كل وسائل الإعلام المقاومة التي تعتبر إسرائيل عدو تاريخي وكيان صهيوني غاصب، وجرى التناغم والتنسيق المشترك بين السعودية وإسرائيل من خلال هذا الإستهداف الممنهج.

لكن كل ذلك الإستهداف الممنهج لم ينجح في تغييب الحقيقة وإسكات صوت العدالة والمظلومية، حيث قدم الإعلام الوطني دور مميز في المواجهة، كذلك كان هناك أداء ومساندة رائعة للإعلام المقاوم من قنوات وإذاعة وصحف، خصصت جزء من تغطيتها للأحداث في اليمن.

حيث أطلقت قناة الميادين عدة حملات تضامنية مع الشعب اليمني، فيما خصصت قناة نبأ السعودية المعارضة برنامجا اسبوعيا عن اليمن تحت مسمى ” عاصفة الوهم ” سلطت فيه الضوء على تداعيات الحرب السعودية على اليمن، واستضافت العشرات من الخبراء والصحفيين الذين قدموا معلومات وتحليلات مغايرة لما ألفه المشاهد العربي في قنوات ووسائل التضليل الممولة سعوديا وخليجيا، بالمقابل أطلقت قناة العهد برنامجا اسبوعيا تحت مسمى ” يمن الصمود “، تميز بمواكبة الحرب على اليمن من خلال ضيوف يمنيين، محسوبين على الجبهة الوطنية المناهضة للعدوان، وعكس البرنامج الحقائق التي أراد العدو تغييبها، وخاصة ما يتعلق بصمود الشعب اليمني وانتصارات الجيش واللجان الشعبية.

كذلك قامت قناة المنار والإخبارية السورية بمواكبة الأحداث والتطورات على الساحة اليمنية ورصد جرائم وانتهاكات التحالف السعودي، في نشراتها وتقاريرها الإخبارية وفي برامجها الحوارية والتحليلية والوثائقية، واسهمت في الحد من التضليل الإعلامي المصاحب لهذه الحرب على اليمن.

فيما عملت إذاعة النور اللبنانية على تقديم مادة مسموعة مختلفة، وبمناسبة اليوم العالمي للطفل، أطلقت الإذاعة حملة تضامنية مع أطفال اليمن.

عندها فشلت آلة الحرب الإعلامية في تقديم الصورة التضليلة للعالم وتزييف الحقائق عن الحرب الذي تقودها السعودية على أبناء الشعب اليمني.

لذلك لجأ العدو السعودي إلى:

 

المسار الثاني اللجوء إلى شركات العلاقات العامة لتحسين صورة السعودية

حيث دشن النظام السعودي عقب عدوانه على اليمن حملة علاقات عامة في وسائل الإعلام الدولية من قبل بعض من كبريات شركات العلاقات العامة في العالم، فالصحف الأوروبية مثل التلغراف في المملكة المتحدة، وصحيفة فرانكفورتر العامة في ألمانيا، وغيرها عبر مقابلات أو مقالات من المؤسسات في السعودية حاولوا إضفاء الشرعية على حربهم على اليمن، فقد ذَكرَت صحيفة فرانكفورتر العامة أن السفارة السعودية في ألمانيا دعمت إعلاناً مدفوع الثمن من أجل الترويج للسياسة الخارجية الجديدة للمملكة، فيما  قام ولي العهد السعودي محمد بن سلمان أيضًا بعددٍ من المقابلات في مختلف وكالات الأنباء الدولية من أجل تعزيز مكانته على الساحة الدولية، والدفاع عن السياسات والتدخلات الخارجية والاقتصادية للسعودية، وأبرزها التدخل في اليمن .

وكجزء من استراتيجية العلاقات العامة الدولية فإن السعودية وصفت الحرب بنحو مختلف، في  وسائل الإعلام سواءً العربية أو الإنجليزية، مثل الصحف السعودية الصادرة باللغة الإنجليزية مثل (الأخبار العربية) و (سعودي جازيت)، التي هي موجهة بالأساس إلى الدول المقيمين داخل المملكة وخارجها، تحاشت الخوض في الحجج الأيديولوجية والدينية من أجل شرعنة أو إضفاء الشرعية على الحرب في اليمن، بل عوضاً عن ذلك ركزت في الأبعاد السياسية والأمنية، لكن على النقيض من ذلك فقد كانت وسائل الإعلام العربية مليئة بالطروحات الدينية والطائفية والأيديولوجية.

علاوة على كل ذلك فقد عمدت السعودية على شراء صمت عشرات الصحف والقنوات الكبرى في الغرب، من خلال ضخ عشرات مليارات الدولارات تحت مسميات عدة كإعلانات وغيرها.

لكن كل ذلك لم يدم طويلاً حيث بدأت الحملات الإلكترونية اليمنية تصل للغرب وتحدث الناشطين في مجال الإنسان عن الحرب المنسية في اليمن.

 

لذلك عمد النظام السعودي إلى المسار الثالث:

تأسيس جيوش إلكترونية، ثمانية وثمانين ألف حساب وهمي للذباب الإلكتروني السعودي على تويتر.

أمام سيطرة وسائل التواصل الإجتماعي سريعة الإنتشار والتأثير حيث نجح اليمنيون من خلالها إلى إيصال صوتهم للعالم الدولي والغربي بشكل خاص من خلال عشرات الحملات الإلكترونية وخصوصاً على منصة “تويتر” ذلك النشاط لم يروق للسعودية وتحالف الحرب بل اقض مضاجعهم مما جعلهم يستنفرون من خلال مطابخهم الإعلامية واللجوء لإنشاء جيش الإلكتروني “الذباب الإلكتروني” لطمس الحقائق وتزييف الواقع.

هذا الجيش الإلكتروني الذي تدفع لأعضائه السعودية ملايين الريالات لأجل تقديم الصورة المقلوبة التي تريد تقديمها للعالم، لم ينجح في تقديم أي خدمة تذكر سوى إنكشاف سوءة المملكة أكثر، حيث توالت الفضائح التي تكشف المنصات الإلكترونية والحسابات الوهمية على مواقع التواصل.

حيث أعلنت شركة “تويتر” أنها أغلقت آلاف الحسابات على شبكتها للتواصل الاجتماعي، قالت إنها متعلقة بالسعودية.

وأوضحت “تويتر” أنها أزالت حوالي 5929 حسابا تناولت السعودية، وذلك “لانتهاكها سياسات التصرف بالمنصة”.

وأضافت الشركة أن الحسابات المغلقة تشكل “القسم الأساسي لشبكة أوسع تضم أكثر من 88000 حساب متورط في إرسال رسائل “السبام” تشمل جملة واسعة من المواضيع”.

وأشارت إلى أن تلك الحسابات “نشطت بالدرجة الأولى في مضاعفة محتوى المنشورات المواتية للسلطات السعودية، عبر تكتيكات المشاركة غير الملائمة، مثل إعادة التغريد والإعجاب بالتغريدات والرد عليها بصورة عدائية”.

وأوضح أن أغلب المحتوى كان باللغة العربية، ولكن بعضها كان “متعلقا بأحداث تهم الناس في الغرب”.

ويعتقد تويتر أن هذا النشاط “المنهجي المنسق” مصدره شركة تسويق على مواقع التواصل الاجتماعي في السعودية تدعى سماءات.

ويأتي هذا الإجراء بعد إعلان تويتر في سبتمبر/ أيلول الماضي تعليق 7 حسابات سعودية من بينها حساب تابع لأحد المستشارين السابقين للملك وهو سعود القحطاني.

حيث كانت هذه هي آخر الأمنيات للنظام السعودي في تسويق نفسه من خلال الجيوش الإلكترونية، ومع هذا كله إلا أن السعودية أخفقت في عدوانها على اليمن على كل المستويات، سوى الجانب الميداني التي تخسر كل يوم محافظة تتحرر من دنس الإحتلال، أو على المستوى السياسي والإعلامي.

لذلك لم يعد أمامها للخروج من الورطة في مغامرة الحرب على اليمن، إلا إيقاف الحرب ورفع الحصار، والعودة للحوار السياسي، لحفظ ما تبقى من ماء وجهها إن كان لديها شيء من ذلك.

(73)

الأقسام: المراسل السياسي,تقارير المراسل