من يهدد من؟ أمريكا تهدد اليمن بالحرب والجوع والعقوبات؟ اليمن شرطي مرور البحر الأحمر.. تمسك بلجام السفن

المراسل : تحليل
بعد قرار اليمن إسناد المقاومة الفلسطينية ضد إسرائيل والوقوف مع قطاع غزة واتخاذ إجراءات صارمة ضد إجرام تل أبيب والسعي للضغط من أجل إيقاف مجازر نتنياهو ، وتخييب آمال أمريكا التي هرعت للمنطقة على عجل بالسلاح والقنابل الفتاكة ، مستعيدةً ذاكرة الانجلو_ ساكسون الدموية بحق الهنود الحمر في القرن السادس عشر ، فيما تبدو مستوطنتها الاستعمارية المسماة “اسرائيل” ، في مفترق طريق أظهر تآكلها وانحسار دورها الذي يخدم واشنطن والغرب الاستعماري ، بعيدّا عن ترهات الاعتقاد الصهيوني النشاز.
ومع ضربات صنعاء القوية ذات التأثير الكبير على إسرائيل لم تستطع واشنطن أن تُداري غضبها من صنعاء بعد أن قفز تصعيد الأخيرة ضد العدو إلى ماهو حساس للغاية في تأثيره على واشنطن وتل أبيب معاً. إذ منعت حركة السفن الإسرائيلية من المرور عبر مياه البحر الأحمر ، فيما بدى رأس إسرائيل عالقُ بعنق الزجاجة ، مع سرعة ظهور التأثير السلبي على نشاطها التجاري واقتصادها بالجملة.
مقابل هذه الجرأة اليمنية والتحرك القوي لقيادة صنعاء في التعقب المشروع للسفن الإسرائيلية واستمرار ضرب إيلات “أم  الرشراش” جنوب فلسطين المحتلة ، وعدم اكتراث القيادة اليمنية في صنعاء لتهديدات وحتى ترغيبات واشنطن ، اتجهت الاخيرة إلى البدء باتخاذ إجراءات تراها عقابية بحق اليمنيين ، فبدأت باستخدام أذرعها في المنظمات الأممية، بعد أيام من قرار صنعاء مساندة المقاومة الفلسطينية في غزة ، بإيعازها لمنظمة الغذاء العالمي لوقف المساعدات الغذائية الأممية المقدمة لفئة محدودة من اليمنيين حيث فُهم هذا القرار على أنه رد عقابي غربي على مساندة اليمن الفاعلة للمقاومة الفلسطينية وتوجيه ضربات قاسية ومؤثرة على الكيان الإسرائيلي ، خصوصاً على اقتصاده .
وفي سياق التحرك الأمريكي الغير مباشر بالتلويح بالعقوبات وجه عضو المجلس السياسي الأعلى، محمد علي الحوثي، رسالة إلى مدير برنامج الأغذية العالمي ديفيد بيزلي، رداً على ما ورد في تقريره عن قرار البرنامج بوقف المساعدات الإنسانية لليمن.
وأعرب محمد علي الحوثي في الرسالة عن أسفه العميق لقرار البرنامج وقف المساعدات الإنسانية للشعب اليمني، الأمر الذي يشكل تهديدا خطيرا للأمن الغذائي والإنساني لليمن حشب قوله.
واعتبر أن ايقاف برنامج الغذاء للمساعدات عن اليمن سلوك يتعارض مع واجبات البرنامج الأخلاقية والإنسانية ويرقى إلى مستوى “جريمة ضد الإنسانية” .
وذكّر الحوثي مدير برنامج الغذاء أن “اليمن ليس مجرد بيانات وأرقام إحصائية ، وأنه بلد يعيش في كابوس الدمار والفقر والموت” جراء عدوان وحصار قادته أمريكا واتباعها على اليمن .
وقال : الأطفال يموتون من الجوع، والأمهات يبحثن عن لقمة العيش لإطعام أطفالهن المنهكين، وكل هذا نتيجة العدوان والحصار غير الشرعي على شعبنا وبلدنا منذ أكثر من ثمانية أعوام ونصف.
مطالباً البرنامج بإعادة النظر في قرار وقف المساعدات الإنسانية وإلغائه ، واتخاذ الإجراءات اللازمة لضمان استمرار تقديم المساعدات الإنسانية لمستحقيها من اليمنيين دون انقطاع أو تخفيض.
وأشار إلى أن خفض المساعدات سيؤدي إلى تفاقم الأزمة الإنسانية وزيادة معاناة ملايين اليمنيين.
قائلاً: كما تعلمون فإن اليمن يعاني من أسوأ أزمة إنسانية في العالم، حيث يعاني أكثر من 20 مليون شخص من انعدام الأمن الغذائي الحاد، بينهم أكثر من 12”. مليون شخص على حافة المجاعة.
وفند القيادي الحوثي قرار برنامج الغذاءالذي تم تبريره بوجود “قيود تمويلية”يواجهها برنامج الأغذية، بالقول “إن هناك خيارات أخرى يمكن اتخاذها لتجنب وقف المساعدات الإنسانية؟”
إذ من الممكن، على سبيل المثال، تحويل – المساعدات العينية إلى مساعدات “نقدية” ، مما سيوفر نفقات التشغيل، وسيسمح للمستفيدين باستخدام المساعدات لشراء المواد الغذائية التي يحتاجونها.
ومع تقديم القيادي البارز لما هو اشبه بالمقترح لبرنامج الغذاء ، هو يفتح باباً يعرفه العالم عن فوضى المساعدات وعمل المنظمات حيث تذهب جل تلك المساعدات الدولية كموازنات تشغيلية لصالح طواقم عمل المنظمات فيما يصل الفتات للدول وفقراء العالم!!!
من جانب أخر تظهر صنعاء عدم اكتراث بالتحركات الأمريكية العقابية حيث تؤكد ثبات موقفها الداعم لفلسطين ومواجهة الإجرام الإسرائيلي بحق الفلسطينيين ، مقابل تأكيدها الحفاظ على أمن الملاحة في المياه اليمنية بما فيها البحر الأحمر.
حيث جددت القيادة ، التأكيد على استمرارها في منع السفن الإسرائيلية من الملاحة في البحر الأحمر ، حتى وقف إسرائيل عدوانها على غزة وفلسطين.

وقال نائب وزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال المقالة بصنعاء ، حسين العزي، عبر حسابه على “إكس” : “
بكل تأكيد صنعاء أكثر حرصاً على سلامة الملاحة والأكثر احتراماً لمصالح العالم وهذا أمر أثبتناه عملياً طوال السنوات والأشهر والأيام الماضية ”.
وأضاف: “نذكر مرة أخرى بأن الملاحة في البحر الأحمر ستبقى آمنة ومأمونة لجميع السفن باستثناء سفن الكيان الإسرائيلي حتى إنهاء عدوانه على الأطفال والمدنيين العزل في غزة المظلومة”.
وحول تهديدات واشنطن بإعادة تصنيف صنعاء كجماعة “إرهابية”رد العزي بالقول “إن التهديد بالتصنيف لايقلقنا أبداً لأنه إذا حدث سيفضح معايير أمريكا وينسف مصداقيتها للأبد”.
وأضاف “أما في حال أدى للإضرار بمصالح شعبنا فسنعتبره إعلان حرب ووقتها ستكتشف أمريكا كارثية ذهابها للتصعيد مع اليمن حيث اليمن مقبرة الامبراطوريات وبلد الإستنزاف الأول في التاريخ”.
هذا الرد الذي لوح به القيادي “العزي” هو ما تتحاشاه واشنطن حيث تسعى لعدم التصعيد مع اليمن خوفاً من توسع رقعة المواجهة حيث لا تستطيع واشنطن التحكم وقتها في عناصر الصراع والذي سيقود ريما لحرب استنزاف ضد الأمريكان في اليمن وهو ما تتحاشاه تماماً.
وفي جانب آخر أكد العزي على الوضع المزري الذي يعيشه مرتزقة التحالف وخونة اليمن من أتباع واشنطن والرياض وأبو ظبي في الظرف الراهن حيث تتكشف خياناتهم وعمالاتهم للشعب اليمني أكثر فأكثر ، فيما يظهرون في آخر مشوار الارتزاق والخيانة لله والعروبة والإسلام واليمن أرضاً وشعباً.
وشخّص العزي حال تلك القوى المهترئة قائلاً “يمر المرتزقة بأزمة نفسية خانقة وغير مسبوقة وهي لاشك أزمة النهاية والتلاشي الأخير
لذلك – ومن ناحية إنسانية بحتة – لم تعد مجاراتهم مفيدة ولا الرد عليهم مناسبا.
وأضاف “إن من تعظيم الحكمة الإلهية أن يحترقوا دون أي تدخل منكم .في اشارة إلى انكشاف حقيقتهم كجزء من مشروع آل سعود وآل نهيان الساعي لتوسيع التصهين في المنطقة العربية بما فيها اليمن ، حيث إنهم بتوجهاتهم الدنيئة المتصهينة يكونون قد احترقوا أمام الشعب اليمني .
وحول تهديدات ضرب اليمن ، وعودة الحرب مجددًا ، وجهت صنعاء تحذيرًا استباقي ومباشر للمملكة السعودية، في حال تورطت في المشاركة في أي ضربة تستهدف الأراضي اليمنية سواءً من العدو الإسرائيلي أو الأمريكي.
حيث ستكون منشآت المملكة الحساسة في مرمى الاستهداف اليمني الدقيق والقوي.
يأتي ذلك بعد أن خرجت تصريحات رئيس أركان جيش الكيان الغاصب باحتمالية توجيه ضربة لليمن بعد قيام البحرية اليمنية بحظر الملاحة البحرية الإسرائيلية في البحر الأحمر ومنع مرور أي سفن إسرائيلية عبر مضيق باب المندب والبحر الأحمر
والذي تُرجم بالسيطرة اليمنية على السفينة الإسرائيلية جالكسي ليدر في الـ19 من نوفمبر الجاري.
وسبق للسعودية أن شاركت في الدفاع عن الكيان الإسرائيلي أثناء عمليات الهجوم التي نفذتها القوات اليمنية بالصواريخ الباليستية والصواريخ المجنحة والطائرات المسيرة، حيث كشفت الولايات المتحدة الأمريكية عن إحدى الهجمات التي نفذتها اليمن على الكيان الإسرائيلي لمساندة المقاومة الفلسطينية وردع العدوان الصهيوني على قطاع غزة، بأن اليمن أطلق 5 صواريخ كروز على إسرائيل وأن البحرية الأمريكية التي تحمي إسرائيل في المياه الدولية قبالة منطقة (أم الرشراش – إيلات) أسقطت 4 صواريخ بينما أسقطت السعودية الصاروخ الخامس، وبناءً على ذلك فإن صنعاء لا تستبعد أن تشترك السعودية في أي ضربة إسرائيلية جوية على اليمن مثلما اشتركت في حماية الكيان الإسرائيلي من صواريخ اليمن المجنحة.
وقال الحوثي “إن على السعودية تحمل المسؤولية إذا ما فتحت أجواءها لمرور أي صواريخ أو طائرات تعبر الأجواء السعودية بهدف توجيه ضربة في اليمن.
وأضاف “إن على السعودية إسقاط أي أجسام معادية تستهدف اليمن تمر عبر الأجواء السعودية ما لم فإن عليها تحمل تبعات وعواقب ذلك”.
وكانت صحيفة بريطانية شهيرة، قد كشفت مؤخرًا ، عن تقارير تفيد عزم الولايات المتحدة الأميركية شن عمليات عسكرية ضد قوات صنعاء، على خلفية مواقفها المساندة لفلسطين ومقاومتها ضد جيش الاحتلال الإسرائيلي.
وكانت صحيفة “الجارديان” البريطانية قالت أن هناك تقارير تفيد بأن الولايات المتحدة مستعدة لمهاجمة المواقع العسكرية للحوثيين ما لم يفرج الحوثيون عن السفينة المرتبطة بإسرائيل والتي تم الاستيلاء عليها قبل حوالى عشرة أيام .
وتحدثت الصحيفة عن أن خطط السعودية حول السلام مع صنعاء تواجه الفشل ما بعد هجمات الأخيرة على إسرائيل واستيلائها الأسبوع الفائت على سفينة تجارية مرتبطة بإسرائيل في البحر الأحمر، وذلك وبسبب تلويح أميركا بإعادة إدراج “أنصار الله” في قائمة “الإرهاب” .

ونقلت عن المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأمريكي جون كيربي، قوله إنه: في ضوء استهداف الحوثيين الأخير للمدنيين، والآن قرصنة سفينة في المياه الدولية، بدأنا مراجعة التصنيفات الإرهابية المحتملة ، والنظر في خيارات أخرى مع حلفائنا وشركائنا أيضًا؟!
وكانت الولايات المتحدة الأمريكية قد وجهت عدة تهديدات لصنعاء ردًا على إسناد اليمن للمقاومة الفلسطينية ، بدءًا بالتهديد المباشر. والتهديد بعودة الحرب من جهة التحالف إلى جانب الإعاقة للاتفاق مع التحالف بعد أن كان وشيكاً ، وصولاً إلى إعاقة المساعدات الإنسانية ، وهو ما ترجمه قرار برنامج الغذاء مؤخرًا. فيما عبرت صنعاء عن تمسكها بمواقفها الحرة مؤكدة أنها لن تكترث ولن تخضع لتلك التهديدات مع الاستمرار في كل الأنشطة والجهود في إطار هذا الموقف الصحيح والمشرف لليمن قيادة وحكومة وشعباً على كل المستويات.
وإذا كانت الولايات المتحدة تهدد باللجوء للخيارات الناعمة للتعامل مع صنعاء باعادة التصنيف أو منع المساعدات الغذائية فإن صنعاء قد تنتقل إلى مرحلة جديدة تتجاوز رد الغعل الى الفعل المباشر حيث تخشى واشنطن الوصول الى هذه المرحلة التي تحلم فيها أن تنظر صنعاء إلى  العقوبات فيما تظل صامتة .
وإذا كان التحرك اليمني سينتقل الى التصعيد والقوة مع خيار عقوبات أمريكا الناعمة فكيف به في حال شنت واشنطن هجوم على مواقع العسكرية في العاصمة ، أو ما حولها أو على عمليات الموانئ، إذ تكون واشنطن قد فتحة فوهة جهنم عليه بكل اتجاه…لهذا بات على واشنطن احترام قرار وسيادة صنعاء وأن تتحاشى إغضابها.فمسرحية اختطاف السفينة “بارك” قد أعطت إجابة واضحة حول امكانات واشنطن في تنفيذ تهديداتها حيث مربعات لعبة الشطرنج تشير الى أن كل احتمالات التحرك الأمريكي في المنطقة في وضع خطر وأقرب ما يمكن وصفه بأنه “كش ملك”.

(10)

الأقسام: الاخبار,المراسل العام,اهم الاخبار,تقارير المراسل,عاجل