واشنطن ولندن مكبلتان بخيارات”مفزعة “

المراسل : تحليل

منذ أيام تجري بريطانيا وامريكا اتصالات مكثفة في محاولة للتهدئة مع اليمن في اعقاب توتر  كاد يجر المنطقة إلى مواجهات واسعة وسط مخاوف من تحول في عمليات صنعاء البحرية تدرك واشنطن ولندن عواقبها جيدًا.

مصدر مطلع تحدث أن صنعاء تلقت رسالة بريطانية تضمنت عرضاً ، عبر دولة الأقرب انها سلطنة عمان.

أفاد العميد عبدالله بن عامر، نائب مدير دائرة التوجيه المعنوي، بأن صنعاء رفضت العرض البريطاني. العرض البريطاني أشار إلى امتيازات لصنعاء لكنه لم يفصح عنها.هذه الامتيازات مقابل وقف حظر الملاحة إلى إسرائيل.

وقف الحظر هذا يتقاطع جملةً مع الثوابت التي تؤمن بها صنعاء وقيادتها الثورية.

إذ كثيرًا ما تجدد القيادة اليمنية في صنعاء مبدأها وموقفها الصريح برفضها التفريط بغزة مع تأكيدها أن وقوفها مع المقاومة الفلسطينية يظل موقفاً أخوي إنساني واخلاقي.

التحرك البريطاني يأتي بموازاة حراك أمريكي مع دفع واشنطن بمبعوثها إلى اليمن تيم ليندركينغ إلى المنطقة.

ليندركينغ في تصريح صحفي أفصح  بأن هدف زيارته الجديدة هو مناقشة خفض التصعيد في البحر الأحمر.

حيث استبق زيارته برسائل لصنعاء تضمنت حديثه بأن زيارة وزير الخارجية الأمريكي انتوني بلينكن إلى إسرائيل هدفها مناقشة زيادة المساعدات لغزة.

فيما تشترط صنعاء إدخال المساعدات إلى غزة مقابل إنهاء عملياتها في البحر الأحمر.

ولم يتضح ما إذا كان التصريح الأمريكي مجرد مناورة أم رضوخ أمريكي لشروط صنعاء إذ تزامن مع تراجع أمريكا عسكريا عقب توتر مع اليمن .

انسحاب بريطاني امريكي

وبعد ان كانت واشنطن ولندن تعدان لاعتداء جديد بحق اليمن ، يبدو ان اليمن خلطت الاوراق من جديد

فبالتزامن مع تقليص بريطانيا لبوارجها الحربية أعادت الولايات المتحدة تموضع بوارجها خارج باب المندب.

البحرية البريطانية، وفق صحيفة التلغراف، اقرت سحب اثنتين من فرقاطتها من نوع 23 وأبرزها ” اتش إم إس ويستمنيستر” و “اتش إم إس إس ارغايل”. مبررة الخطوة بنقص في الطواقم البحرية إضافة إلى خروج تلك البوارج عن الخدمة.والبوارج التي تم استدعائها كانت  نفذت مهام في البحر الأحمر.

واظهرت صور أقمار اصطناعية توقف “ايزنهاور” قرب السواحل الجنوبية للسعودية وتحديدا على مقربة من ميناء جدة ، حيث كانت الحاملة الامريكية اقتربت مؤخرا من باب المندب.

تأتي هذه التطورات عقب تظاهرات مليونية في المدن اليمنية تلبية لدعوة قائد الثورة السيد عبدالملك الحوثي. أكد فيها المشاركون الجهوزية للتصدي لأي اعتداء امريكي وتفويضهم لقائد الثورة لاتخاذ ما يلزم لمواجهة أي عدوان جديد.

في هذا السياق، يؤكد نائب مدير دائرة التوجيه المعنوي العميد عبدالله بن عامر تراجع بريطانيا وأمريكا عن المواجهة في اليمن بعد أن كانتا ترتبان لذلك نهاية الأسبوع الماضي  وفق ما نقلته مصادر خارجية.

بن عامر أرجع هذا التراجع أو ما وصفه بتجميد مؤقت ، للتظاهرات المليونية التي خرجت إسناد لموقف القيادة في عموم اليمن وبيان التظاهرة.

لا خيارات كثيرة

مقابل هذه المعطيات التي تكشف حالة الإحباط الأمريكي تواجه واشنطن ولندن ضيقاً في الخيارات المطروحة على الطاولة.

يشير الإعلام الغربي لإمكانية استهداف القدرات العسكرية لصنعاء إن توفرت حقاً المعلومات الاستخباراتية الدقيقة وهذا مستبعد ، للحد من الهجمات، وهذا بدوره يضع البيت الأبيض في معضلة أخرى أمام السعودية وسؤالها عن عدم قيام واشنطن بتلك الخطوة سابقاً عندما كانت منشآت النفط السعودي تحت القصف.

ووفقاً لخبراء دفاع وأمن تحدثوا لموقع بلومبرغ الأمريكي ، فإن الخيارات التي يمكن تنفيذها لوقف العمليات العسكرية اليمنية مع التشكيك في دقة معلوماتها لكشف مواقع حساسة في بلد معقد وصعب التضاريس ،حيث ترتكز هذه الخطوة على 3 مسارات:

الاستهداف المباشر:وستركز هذه على القضاء على قدرة القوات المسلحة اليمنية على إطلاق الصواريخ الباليستية على السفن وممرات الشحن أو إضعافها من خلال ضرب مواقع الإطلاق والرادارات ومستودعات الصواريخ وغيرها من البنى التحتية الداعمة والخدمات اللوجستية.

ومع ذلك إن نجح وهذا ضعيف ، فإن هذا الاستهداف يترك لصنعاء وسائل أخرى مثل الطائرات دون طيار والألغام البحرية والزوارق السريعة الهجومية. وقد يتسبب ذلك بتصعيد الوضع أكثر في تلك المنطقة.

من ناحية أخرى، فإن الإشارة لمثل هذا الخيار في هذا التوقيت يطرح جدلاً واسعاً في أروقة البلاط السعودي، عن عدم لجوء واشنطن إلى مثل هذا الخيار عندما كانت شركات النفط السعودية تحت القصف لسنوات. هذا ما يؤكد افتقار واشنطن للمعلومات الاستخبارية اللازمة لتدمير الترسانة العسكرية اليمنية ولو كانت تمتلك هذه القدرة لفعلت.

كما نقلت صحف غربية عن مسؤولين أميركيين قلقهم من قيام القوات المسلحة اليمنية بإدخال القوارب المسيّرة عن بُعد أو تلك المفخخة، في ظل ورود انباء عن وجود رغبة حقيقة في توسيع هذا الخيار اذا اقتضى الأمر ، وهو سلاح استراتيجي لم يدخل المعركة بعد ، لكن مسألة التصعيد باستخدام أسلحة أخرى تعتمد على كيفية تعامل الإدارة الأمريكية مع الدعوات الإسرائيلية لرفع السقف.

توسيع عملية “حارس الازدهار” بشكل أكبر لتشمل مرافقة السفن في المنطقة الواقعة بين خليج عدن والقسم الجنوبي من البحر الأحمر، على غرار ما فعله حلف شمال الأطلسي قبل 15 عاماً في ذروة أزمة القراصنة الصوماليين.

لكن هذا سيكون صعبا جدًا بحسب ما يشير المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية ، إذ أنه “على عكس القراصنة الصوماليين، تمتلك القوات المسلحة اليمنية موارد عسكرية كبيرة والمنطقة التي يهددونها شاسعة نسبياً، وهذا سيتطلب عدداً كبيراً من السفن الحربية المزودة بأنظمة دفاع جوي متقدمة. فيما العديد من الدول عموماً ، مترددة في الانضمام نظراً لإعلان صنعاء بأن هجماتهم تندرج في خانة محددة وهي “التضامن مع الفلسطينيين في غزة”.

ويشير الرئيس التنفيذي لشركة  Winward وهي شركة ذكاء اصطناعي بحرية ، آمي دانيال، إلى أن “الخدمات اللوجستية صعبة أيضاً. فهناك في المتوسط حوالي 250 سفينة تعبر البحر الأحمر ، وسيتعين على شركات الشحن القيام بتخطيط وتنسيق كبيرين للوصول إلى قوافل المرافقة.

ويرتكز الخيار الثالث على فكرة التضييق الداخلي عبر تقليص الموارد والاحتياجات الإنسانية للشعب اليمني أو ربط رفع الحصار بوقف الهجمات. وهذا ما كان قائد الثورة رد عليه في خطاب القاه تضامناً مع الشعب الفلسطيني والمقاومة في قطاع غزة بالقول : ما كنا نتوق إليه منذ اليوم الأول هو أن تكون الحرب مباشرة بيننا وبين العدو الأمريكي والإسرائيلي.

وما يؤكد تراجع حظوظ التصعيد نحو مواجهة إقليمية ما قاله مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل: “نرى تصعيدا في تبادل إطلاق النار بين لبنان و”إسرائيل” ويجب تجنب الحرب”.وأضاف بوريل أن “لا أحد ينتصر في الصراع الإقليمي وأبلغت “إسرائيل” بذلك ، وأشدد على ضرورة العمل عبر الدبلوماسية لإنهاء الصراع”.

وتابع: علينا التحرك لتحقيق وقف دائم لإطلاق النار في غزة وإطلاق سراح الأسرى.

ثم حديثه عن الجوع والاتفاقات التي تستدعى كمبررات للموقف : حسب برنامج الأغذية العالمي فإن 100% من سكان قطاع غزة يعانون من أزمة في الغذاء. وأنه لا يمكن عزل غزة عن الضفة الغربية وهي جزء من الأراضي التي تحتلها “إسرائيل” منذ عام 67...هذا الموقف الأوروبي والذي رافقه الموقف الفرنسي مؤخرا يشير إلى إمكانيات التوقف والذي سينعكس على التوتر في البحر الأحمر ، حيث تبرز صنعاء في موقف صلب غير قابل للتزحزح.

ومما يؤكد استحالة قبول صنعاء بمغريات وعروض التحالف الأمريكي ما قالته صحيفة عبرية: بإن اليمنيين رفضوا بشكل قاطع عروض أمريكية منها (أموال ورواتب) إذا أوقفوا الهجمات ضد “إسرائيل”

وتخلص هذه الصحيفة للقول : لقد أصبح اليمنيون أبطال العالم الإسلامي، ومن الصعب جدًا الإضرار بهم ، في ظل نظرة سلبية تجاه السعودية والإمارات وغيرها ، لدى المسلمين في العالم لأنها لم تتحرك مع “الفلسطينيين”.

واختتمت بتأكيد أن السنوات القليلة الماضية أثبتت أن هزيمة اليمنيين مهمة صعبة للغاية.

(0)

الأقسام: الاخبار,المراسل العالمي,اهم الاخبار,عاجل