تعقيدات جديدة في ملف الخلافات السعودية الإماراتية: سقطرى بيد “الانتقالي” ومحاولة انتقام في “أبين”

المراسل | خاص

تواصل تصاعد المواجهات بين وكلاء التحالف في المحافظات الجنوبية خلال الأيام الماضية بشكل ملحوظ، وبما يؤكد على استمرار الخلافات السعودية الإماراتية، التي ظهرت المزيد من ملامحها هذا الأسبوع من خلال تداعيات سيطرة ما يسمى “المجلس الانتقالي” التابع للإمارات على عاصمة محافظة أرخبيل سقطرى من جهة، وتداعيات تسريبات سعودية جديدة حول “اتفاق الرياض” من جهة أخرى.

 

الإصلاح: السعودية خذلتنا

فيما يخص سقطرى، قامت قوات “المجلس الانتقالي” المدعومة إماراتيا، الجمعة، باقتحام مركز مدينة “حديبو” عاصمة المحافظة، والسيطرة عليه، كما سيطرت على معسكر القوات الخاصة الذي كان آخر معاقل قوات الإصلاح في المدينة. تصعيد جديد اعتبرته حكومة هادي وحزب الإصلاح (وهما شيئا واحدا) خيانة من قبل السعودية التي تتواجد قواتها في المدينة، ولم تحرك ساكنا لمنع قوات الانتقالي من السيطرة عليها.

وطالبت حكومة هادي في بيان القوات السعودية الموجودة في المحافظة بـ”التحرك” لمواجهة الانتقالي، لكن هذا البيان الذي لم يحمل اتهاما صريحا للسعودية بالوقوف وراء تقدم الانتقالي، عوض بتصريحات رسمية لمسؤولين في حكومة هادي، وحملة إعلامية كبيرة شنتها وسائل إعلام حزب الإصلاح، تحدثت بشكل أكثر صراحة عن “تواطؤ” سعودي.

وقال محافظ سقطرى التابع لحكومة هادي إن ما حدث هو “خذلان” من قبل “من كان يُنتظر منهم المساعدة” في إشارة إلى القوات السعودية الموجودة في المحافظة، فيما قال مستشار وزير الإعلام بالحكومة ذاتها، مختار الرحبي، إن السعودية تتحمل مسؤولية ما يجري في المحافظة، متسائلا عن الهدف من وجود قواتها هناك إن لم يكن لحماية ما أسماه “الشرعية”.

موقف حزب الإصلاح من التصرف السعودي إزاء سقطرى، كشف أن السعودية تركت الحزب لمصيره في المحافظة، ولكن الحديث عن “مؤامرة” مع الانتقالي لم يبد واقعيا، فبيان حكومة هادي تضمن ايضا إشارة واضحة إلى الدور الإماراتي، فيما قدمت الحملة الإعلامية “الإصلاحية” ما حدث كـ”تمرد إماراتي”، وهو وإن كان يناقض نظرية “المؤامرة” التي حاولت الحملة نفسها أن تتبناها، إلا أنه يوضح وجود ضوء أخضر سعودي لمهاجمة الإمارات، وبالتالي فإن المرجح بخصوص الموقف السعودي هو أن الرياض قررت عدم تمويل جبهة أخرى يبدو أن الإصلاح كان سيخسرها في النهاية على أية حال.

من جهته أعلن “الانتقالي” أمس السبت، عن إدارته للمحافظة ليوسع بذلك مساحة “الحكم الذاتي” الذي سبق وأعلنه، والذي كان السعودية قد طالبته بالتراجع عنه، وهو الأمر الذي يوضح أيضا استمرار الخلاف السعودي الإماراتي، ويجعل حديث حزب الإصلاح عن تآمر السعودية مع “الانتقالي” يبدو كمحاولة لتبرير الفشل في المواجهة فقط.

الانتقالي: السعودية تحاول خداعنا

بالتزامن مع ذلك شهدت العلاقة بين الرياض و”الانتقالي” محطة توتر جديدة، بعد نشر وكالة “رويترز” للأبناء تسريبات أفادت بتقديم “مقترح سعودي” يعرض على “الانتقالي” البدء بتقاسم السلطة، مقابل وقف إطلاق النار في أبين وشبوة وانسحاب قواته من عدن. عرضٌ كشف عن حاجة السعودية إلى ما يساعدها على إعادة التحكم بزمام الأمور في المحافظات الجنوبية التي تشهد اقتتالا مستعرا منذ أسابيع، وهو ما يؤكد بدوره عن استمرار الخلاف السعودي الإماراتي.

وهذا أيضا ما أكدته ردود “الانتقالي” على “المقترح” المسرب، حيث نفى الناطق باسم المجلس، نزار هيثم، تلقي أي مقترحات، وهاجم الإعلام السعودي لتعاطيه مع التسريبات، معتبرا أنها محاولة لإضعاف “معنويات” المقاتلين.
وشن نشطاء ومسؤولون تابعون للانتقالي حملة إعلامية هاجموا فيها السعودية واتهموها بمحاولة خداع “الانتقالي”، مشيرين إلى أن التسريبات جاءت لمحاولة وقف العمليات العسكرية و”الهزائم” التي يتكبدها “الإخوان”.

وبدا “الانتقالي” خلال الفترة الأخيرة أقل ميلا إلى “إرضاء السعودية” مما كان عليه عقب التوقيع اتفاق الرياض، وقد بدأ ظهور هذا بوضوح مع بروز التوتر في العلاقات بينهما، وبالذات منذ منع قيادات المجلس من العودة، وتحريك قوات ممولة سعوديا لمواجهة قوات الانتقالي داخل عدن (ما يسمى معسكر 20 في كريتر)، الأمر الذي يعني أن الإمارات قد استشعرت خطر التحركات السعودية الرامية لتحجيم دور الإنتقالي، فدفعت به مجددا إلى المواجهة.

مواجهات عنيفة في أبين

من جهة أخرى، وفي تأكيد آخر على استمرار الخلاف السعودي الإماراتي، توسعت المواجهات خلال الأيام الماضية بين “الانتقالي” و”الإصلاح” في محافظة أبين، حيث علمت صحيفة “المراسل” من مصادر ميدانية أن قوات الإصلاح شنت مساء الجمعة هجمات على مواقع “الانتقالي” بالقرب من مديرية “جعار” في ما وصف بأنه محاولة لتعويض الخسارة “الطوعية” في سقطرى.
وقالت وسائل إعلام تابعة لحزب الإصلاح إنه تم السيطرة على سلسلة جبلية وعدة مواقع إثر تلك الهجمات، وأنه تم توجيه قصف مكثف على مواقع “الانتقالي” داخل المديرية، تمهيدا لاقتحامها.

وتحدثت مصادر إعلامية تابعة للإصلاح أيضا عن السيطرة على معسكر “أبو موسى الأشعري” ومواقع أخرى شمال مدينة زنجبار.

وبالمقابل، أفادت مصادر إعلامية تابعة لـ”الانتقالي” بأن القوات التابعة له حققت تقدما باتجاه مدينة شقرة التي تتمركز فيها قوات هادي وحزب الإصلاح، حيث قالت المصادر إنه تم التقدم في “المنطقة الرملية” المطلة على “قرن الكلاسي” هناك، وإن القوات تجهز لاقتحام المدينة والسيطرة عليها.

وعلمت “المراسل” أن العشرات من عناصر وقيادات الطرفين سقطوا قتلى وجرحى خلال المعارك الأخيرة في المحافظة، حيث قتل القيادي البارز التابع لحزب الإصلاح “العقيد صبري علي” قائد ما يسمى “شرطة النجدة” جراء انفجار المركبة التي كان يقودها، كما قتل قيادي آخر يدعى “فهد العتيقي” شقيق قائد ما يسمى محور عتق واللواء 30، مع عدد من مرافقيه، واعترفت وسائل إعلام حزب الإصلاح بمصرعهم.

وعلى الجهة المقابلة، أفادت مصادر ميدانية بأن القيادي في قوات الانتقالي “العميد يسري الحوشبي” قائد ما يسمى “اللواء العاشر صاعقة” لقي مصرعه مع ستة من رفاقه على الأقل، كما أصيب أربعة من عناصر الانتقالي، أمس، بجروح جراء قذيفة استهدفتهم في منطقة “الشيخ سالم”.

 

(30)

الأقسام: الاخبار,المراسل السياسي,اهم الاخبار,تقارير المراسل