السعودية “تعيد تشغيل” هادي: محاولة لإنعاش “اتفاق الرياض” شكليا!

المراسل | خاص

بعد قرابة ثلاثة أشهر من الاختفاء التام عن المشهد، ظهر هادي أمس السبت في كلمة متلفزة حول مستجدات النزاع بين سلطته و”المجلس الانتقالي” المدعوم من الإمارات. ظهور لم يبارح فيه هادي دور “الدمية” التي وضعتها السعودية على رأس اجتماع لم يخرج بأي حل فعلي للنزاع الممتد من خلاف سعودي إماراتي، بل إن الاجتماع أثبت استمرار هذا الخلاف على الأرض، وتغطيته بخطوات سياسية غير مضمونة، الغرض منها هو الإبقاء على أدوات النزاع المحلية تحت مظلة “اتفاق الرياض” شكليا، في الوقت الذي يستمر فيه التصعيد الميداني كما هو.

كلمة هادي جاءت خلال اجتماع لقيادات ومسؤولي حكومة “معين عبد الملك” استدعتهم السعودية إلى الرياض، والتقى بهم السفير “آل جابر” قبل أن يلتقوا بهادي، الأمر الذي وضح منذ البداية أن دور هادي لن يتجاوز قراءة كلمات كتبت له، وقد كان ذلك بالفعل.

قال هادي إن “اتفاق الرياض” متعثر بسبب تمرد “الانتقالي” ودعاه إلى “وقف التصعيد” معبرا بذلك عن رغبة السعودية في الإبقاء على “الاتفاق” كواجهة سياسية لا أكثر، فيما يستمر الصراع على الأرض.

هذا أيضا ما وضحته تسريبات نشرتها قناة “الجزيرة”، لاحقا، وكشفت أن هناك “ضعوط سعودية على هادي لتنفيذ الشق السياسي من الاتفاق وتأجيل الشقين الأمني والعسكري” حيث يتم “البدء في تشكيل حكومة شراكة مع الانتقالي وتعيين محافظ ومدير أمن لعدن، وإرجاء تسليم المجلس الانتقالي سلاحه ودمج قواته إلى ما بعد تشكيل الحكومة”

التسريبات التي نشرتها الجزيرة تتفق مع التسريبات السعودية التي نشرتها وكالة “رويترز” قبل أيام، والتي أوضحت أن هناك عرضا سعوديا تم تقديمه للانتقالي من أجل إشراكه في السلطة، الأمر الذي اعتبره الانتقالي محاولة للخداع.

في المحصلة، يبدو أن السعودية قررت إبقاء الجانب العسكري والأمني من النزاع على ما هو عليه، الأمر الذي يعكس استمرار خلافها مع الإمارات، أما مسألة تشكيل حكومة بالشراكة مع الانتقالي، فهي وإن تمت لن تعدو عن كونها إنعاشا شكليا لاتفاق الرياض، لتحسين صورة السعودية.
القيادي في “المجلس الانتقالي” المدعوم من الإمارات، جمال بن عطاف، علق على خطاب هادي قائلا إن حديث الأخير عن توجيه قواته بالالتزام بوقف إطلاق النار في أبين يعني أنه اذا استمرت هذه القوات بالتصعيد في شقرة، فإنها ستكون “متمردة” وسيتعامل الانتقالي معها “عسكريا وبحزم”، الأمر الذي يؤكد أيضا أن الجانب العسكري والأمني من النزاع لا يزال كما هو عليه.

 

استمرار المواجهات في أبين

كانت السعودية قد أعلنت الأسبوع الماضي على لسان سفيرها في اليمن، محمد آل جابر، أن حكومة هادي والمجلس الانتقالي “استجابا لطلب وقف إطلاق نار شامل في أبين وإيقاف التصعيد في كل المحافظات بكافة أشكاله” وأعقب ذلك تشكيل لجنة عسكرية سعودية التقت مع قيادات من الطرفين في عدن لبحث تنفيذ التهدئة.
لكن المواجهات بين الطرفين لم تتوقف، حيث علمت صحيفة “المراسل” من مصادر ميدانية في أبين أن المعارك تجددت، صباح الجمعة، وبشكل عنيف، حيث تبادلت قوات الإصلاح والانتقالي قصفا مدفعيا مكثفا في منطقتي “الشيخ سالم” و “قرن الكلاسي” شرق زنجبار، وأوضحت المصادر أن مقاتلات تابعة لـ”التحالف” حلقت فوق  المديرية، واستمر الوضع كذلك حتى صباح أمس السبت.
ولاحقا، تحدثت مصادر صحفية تابعة للطرفين عن وصول “لجنة” جديدة مؤلفة من ضباط سعوديين وإماراتيين إلى زنجبار في أبين، بالتزامن مع تحليق مكثف للطيران الحربي، لكن في ظل المؤشرات القائمة لا تبدو الأمور مبشرة بأي هدوء.

 

“الانتقالي” يوسع رقعة التصعيد ضد “الإصلاح”

من جهة أخرى، صعد “المجلس الانتقالي” المدعوم من الإمارات نشاطاته ضد حكومة هادي وحزب الإصلاح بشكل كبير، خلال الأيام الماضية، وبصورة تشير إلى استمرار وتصاعد الخلافات السعودية الإماراتية، وغياب أي توجه حقيقي لوقف الصراع بين الوكلاء.
وفي هذا السياق، شهدت محافظة شبوة، أمس، تظاهرة حشد لها الانتقالي عددا كبيرا من أنصاره، طالبت بإيقاف تصرف حزب الإصلاح بإيرادات المحافظة، ودعت أبناء المحافظة إلى الانسحاب من صفوف قوات هادي في كل الجبهات.
وشهدت محافظة المهرة توسعا كبيرا لرقعة تحركات الانتقالي، حيث حشد العديد من أنصاره في تظاهرات بمديرتي المسيلة وحصوين، وأعلنت التظاهرات تأييد ما يسمى “الإدارة الذاتية” التي أعلنها المجلس في وقت سابق، كما طالبت بتشكيل قوات “نخبة مهرية” على غرار “النخبة الشبوانية” (احد الأذرع العسكرية للانتقالي).

وكانت محافظة حضرموت قد شهدت الأسبوع الماضي تحركات مماثلة للانتقالي، جاءت مشفوعة بتهديدات لسلطات حكومة هادي هناك بالتصعيد.

وكان قيادي في المجلس الانتقالي قد أعلن، الجمعة، عن توجه “المجلس” لفرض ما يسمى “الإدارة الذاتية” على جميع المحافظات الجنوبية.

تحركات كشفت بشكل واضح عن توجه الانتقالي نحو توسيع رقعة النزاع بدعم إماراتي، وهو الأمر الذي كان مسؤولون في حكومة هادي قد حذروا منه بعد سيطرة “الانتقالي” على مركز محافظة سقطرى، حيث قال مستشار وزير الإعلام التابع لهادي، مختار الرحبي، إن “المهرة وحضرموت ستكون الوجهة المقبلة لمليشيا الانتقالي”.

وتؤكد هذه التحركات بالتالي توسع رقعة الخلاف السعودي الإماراتي، وتصاعد وتيرته، الأمر الذي يثبت بدوره أن أي حديث عن تقاسم السلطة بين الانتقالي وحزب الإصلاح ليس إلا واجهة سياسية معزولة تماما عما يجري في الميدان.

 

 

 

(17)

الأقسام: المراسل السياسي,تقارير المراسل