التحالف يواصل التصعيد والرد اليمني يهز بورصة المملكة: لا مخرج أمام الرياض

جرائم سعودية جديدة تطال المدنيين وتقدم مستمر لقوات صنعاء صوب مدينة مأرب

السعودية تستنجد بواشنطن للتخلص من مأزق اليمن

 

المراسل | خاص

واصل التحالف السعودي تصعيده العسكري برعاية أمريكية، فيما برزت تداعيات خطيرة للرد العسكري الذي أعلنت صنعاء تنفيذه في عملية “توازن الردع الثامنة” حيث سجلت مؤشرات البورصة السعودية هبوطا هو الأكبر منذ عام، الأمر الذي يفتح الباب أمام احتمالات صادمة بالنسبة للرياض التي تؤكد وسائل إعلام دولية أنها باتت “عاجزة” تماما عن الخروج من مستنقع اليمن.

وواصل التحالف السعودي تكثيف غاراته الجوية على العديد من المحافظات اليمنية، أبرزها مأرب وصنعاء والحديدة، وشهدت الأخيرة جرائم مروعة ارتكبها طيران التحالف بحق المدنيين، حيث سقط العديد من الشهداء والجرحى نتيجة القصف الجوي، بينهم جنين قتل وهو في بطن أمه في مديرية حيس.

وفي صنعاء نفذ طيران التحالف السعودي عدة غارات على أمانة العاصمة زاعما استهداف “منشآت سرية”، وأبدى اعتزامه على مضاعفة استهداف مطار صنعاء الدولي بحجة “رصد تحركات عسكرية فيه” بحسب ناطق التحالف.

هذه الغارات تأتي ضمن التصعيد الذي بدأ مؤخرا والذي كانت صنعاء قد حذرت النظام السعودي من “عواقب وخيمة” ردا عليه، ليتجسد هذا التحذير سريعا في عملية واسعة أطلق عليها اسم “توازن الردع الثامنة” وتم فيها استهداف قواعد ومنشآت عسكرية، ومصافي تابعة لشركة أرامكو بـ14 طائرة بدون طيار.

تداعيات العملية العسكرية ظهرت بسرعة من خلال انخفاض مؤشرات سوق الأسهم السعودية بشكل أكدت وكالة “رويترز” أنه الأكبر منذ أكتوبر 2020.

وقالت الوكالة إن سوق الأسهم السعودية سجل أربع خسائر متوالية خلال الأسبوع الماضي عقب هجمات الطائرات اليمنية بدون طيار، وتضمنت الخسائر تراجع المؤشر السعودي الرسمي وأسهم مصرف الراجحي، وأسهم شركة أرامكو.

 

السعودية في مأزق

خسائر البورصة السعودي مثلت دليلا واضحا على أن صنعاء تمتلك فرصا كبيرة لمضاعفة “الوجع” السعودي، في حال استمرار تصعيده العسكري الذي يأتي في إطار محاولات مرتبكة للتغطية على اقتراب الهزيمة المدوية في مأرب.

وفي هذا السياق قالت صحيفة “وول ستريت جورنال” إن مسؤولين سعوديين طلبوا من إدارة بايدن مضاعفة الدعم العسكري والاستخباراتي للمملكة، وتحدثت عن مطالبة مسؤولين أمريكيين أيضا لبايدن بالتراجع عن ما وصفته بـ”القيود” التي أعلن فرضها على الدعم العسكري المقدم للرياض، من أجل منع قوات صنعاء من إكمال السيطرة على مأرب.

وأضافت الصحيفة أن بايدن قد يتجه لـ”تغيير المسار” من أجل مساعدة السعودية، لكن المؤشرات على ذلك ضعيفة.

وقالت وسائل إعلام أمريكية إن صفقة السلاح التي أعلنت وزارة الخارجية الأمريكي إقرارها بمبلغ 650 مليون دولار للسعودية، تأتي في إطار محاولات إدارة بايدن “إرضاء” السعودية التي تطالب بمضاعفة الدعم.

لكن لا يبدو أن لدى الإدارة الأمريكية أو النظام السعودي أي “حل سحري” لتفادي الهزيمة المدوية، أو الخروج بشكل لائق من المأزق، باستثناء الموافقة على مطالب صنعاء المتمثلة بإنهاء الحرب والحصار والاحتلال ودفع التعويضات ومعالجة الآثار.

في هذا السياق، قالت مجلة “إيكونومست” الأمريكية في تقرير نشر قبل أيام أن السعودية “عاجزة عن الخروج من مستنقع اليمن”.

وقال التقرير إن انتصار قوات صنعاء في مأرب والسيطرة على ما تبقى من مناطقها، سيمثل “انتصارا استراتيجيا” لصنعاء في الصراع، مشيرا إلى أن الأخيرة “تمتلك اليد العليا” في هذه المواجهة.

وأكدت المجلة أن النظام السعودي يزداد “يأسا” بشكل مستمر، وهو يحاول الوصول إلى نهاية تحقق له مصالحه، مشيرة إلى أن: “الصراع الذي سوقته السعودية للجمهور في عام 2015 كنزهة سريعة أصبح مستنقعًا، كلف المملكة مليارات لا حصر لها وألحق الضرر بالعلاقات مع الشركاء الرئيسيين بما في ذلك الولايات المتحدة الأمريكية”.

وقالت المجلة إن المحاولات السعودية لإدراج ملف اليمن على طاولة المفاوضات مع إيران، غير مجدية، لأن إيران “حتى لو أرادت المساعدة لا تمتلك سيطرة على الحوثيين”.

وأضافت أن “السعودية تبدو حريصة على تقليل خسائرها، لكنها عاجزة عن إيجاد طريقة لفعل ذلك” في محاولة لتلخيص المأزق الذي تعيشه المملكة في اليمن.

وتحدثت العديد من وسائل الإعلام الأمريكية خلال الفترة الماضية عن توتر العلاقة بين الرياض وإدارة بايدن لعدة أسباب من بينها المأزق اليمني، حيث يشير مراقبون إلى أن ولي العهد السعودي يحاول “الضغط” على الولايات المتحدة في ملف “انتاج النفط” من أجل الحصول على المزيد من المساعدة في الحرب على اليمن.

 

قوات صنعاء تواصل التقدم بمأرب وارتباك في صفوف أتباع التحالف

 

على الأرض تواصلت المواجهات بين اتباع التحالف السعودي وقوات صنعاء في مأرب والحديدة، وتكبد أتباع التحالف خسائر إضافية برغم كثافة الإسناد الجوي.

ففي مأرب، أفادت مصادر ميدانية بأن قوات صنعاء واصلت توغلها في “البلق الشرقي” و”البلق الأوسط” والمناطق المحيطة بهما، وسط معارك عنيفة سقط خلالها العشرات من عناصر وضباط قوات هادي وحزب الإصلاح بين قتيل وجريح.

ونشر إعلاميون تابعون لقناة “المسيرة” صورة ملتقطة على مسافة قريبة من نقطة “الفلج” الواقعة بين جبلي البلق “الشرقي” و”الأوسط” والتي تعتبر المدخل الجنوبي لمدينة مأرب.

وتحدثت مصادر إعلامية هذا الأسبوع عن مغادرة العديد من قيادات وعناصر قوات هادي وحزب الإصلاح لمدينة مأرب، في ظل ثبوت حتمية الهزيمة، ومع تزايد تقدم صنعاء صوب المدينة في الوقت الذي تتحدث فيه معلومات عن تواصل مكثف مع قبائل “عبيدة” في مديرية الوادي.

وكشف نائب وزير الخارجية بحكومة صنعاء والقيادي في أنصار الله، حسين العزي، أمس، عن انشقاق 1700 من عناصر وضباط قوات هادي وحزب الإصلاح، وانسحابهم من جبهات التحالف في مأرب، وذلك بعد أيام من كشفه عن انشقاق 800 مقاتل من قوات أتباع التحالف، وانضمامهم لقوات صنعاء.

وكان العزي قد أشار سابقا إلى أن الآلاف من العناصر والضباط يتواجدون في معسكرات أتباع التحالف في مأرب وينتظرون إشارة للقيام بدورهم في إطار معركة تحرير مأرب.

وفي الحديدة، دارت مواجهات بين قوات صنعاء وأتباع التحالف في مديرية حيس، وتركزت في المناطق المحيطة بمركز المديرية، والذي يتواجد فيه أتباع التحالف منذ سنوات.

وحاول إعلام التحالف الحديث عن “تقدم” لأتباعه في المديرية، لكن المواجهات لم تتجاوز المناطق المحيطة بمركز المديرية في الواقع، ولم يُسجل أي تقدم حقيقي جديد لأتباع التحالف بل تكبدوا خسائر بشرية ومادية.

وزعم إعلام التحالف أيضا إحراز تقدم في محافظة الضالع صوب محافظة إب، غير أن قوات “المجلس الانتقالي” أكدت أن ما حدث هو تبادل للقصف المدفعي.

وترافقت مزاعم التحالف حول “حيس” و”الضالع” مع محاولات لتحريض أبناء محافظة إب لحمل السلاح ضد قوات صنعاء، الأمر ردت عليه السلطة في إب بالتحشيد إلى الجبهات لقتال التحالف وأتباعه.

 

 

(13)

الأقسام: المراسل العام,تقارير المراسل