الاحتفال مع الاحتلال بعيد الاستقلال

 

حسن الوريث

من غرائب الدهر وعجائبه أن تحتفل في بلد ما بعيد التحرر من الاستقلال مع من يحتل بلدك وهذه لم تحدث إلا نادراً لذلك فإنها تأتي ضمن العجائب والغرائب وهذه الحالة تنطبق على ما يجري في جنوب الوطن المحتل الان من قبل بعض دويلات الخليج التي هي نفسها لم تتحرر من وصاية المستعمر البريطاني والأمريكي.

مما لاشك فيه أن هؤلاء الذين يدعون انهم يحتفلون بعيد التحرر والاستقلال في ظل وجود مستعمر جديد لأرضهم لهو من باب الغباء والانحطاط والسقوط وبالتالي فلا يمكن لأي عاقل في هذا العالم أن يصدقك ويوافقك على هذه الأفعال فكيف تريد من الناس أن يعترفوا بك وأنت أدخلت احتلال إلى بلدك وسهلت له كل الوسائل من أجل أن يكون له موطئ قدم عندك وبالتأكيد أن كل العالم الآن يسخر منك ومن فعلتك القبيحة هذه حتى لو وجدت بعض من يتغاضى عن ذلك فهو ليس من أجلك بل من أجل أموال المحتل الجديد الذي أنفق المليارات للوصول إلى هذه النتيجة وأنت واحداً ممن استلم ثمن هذا الاحتلال الجديد.

اعتقد أن كل ما كنتم تتحدثون عنه من مبادئ التحرر والاستقلال والحرية ومعاداة المستعمرين كلام هراء يراد منه فقط الارتزاق وكسب المزيد من الأموال حتى لو كان ذلك على حساب المبادئ والقيم والمثل والأخلاق وحتى لو كان كل ذلك على حساب البلاد وعلى حساب المواطن المغلوب على أمره والذي بالتأكيد أنه يتساءل في قرارة نفسه كيف تتحدثون عن التحرر والحرية والاستعمار وانتم تدخلون المستعمر وتروجون له بل وتدافعون عنه؟ وبدون شك فإنكم مهما غررتم على الشعب فإنه سيأتي اليوم الذي يعرفكم على حقيقتكم ويعرف انكم بعتم وطنه وبلده بأبخس الأثمان وسيحاسبكم.

بالطبع فإن ما تقومون به يندرج في إطار إذا لم تستح فاصنع ما شئت فأنتم تصنعون أشياء لا يمكن أن يقوم بها إنسان لديه ذرة واحدة من حياء فمن يبيع وطنه لعدوه ويبيحها للمحتل لا يستحق أن ينتمي إليه وها أنتم تصنعون الشيء المنكر والقبيح والمصيبة الكبرى أنكم وبدون حياء ولا خجل تحتفلون معه بعيد استقلال وتحرر من مستعمر اخر تحتفلون بذكرى ثورة ضد احتلال سابق وعلى أساس أنكم تفتخرون بهذه الثورة والحقيقة أنكم تعيدون البلاد إلى المربع الأول تعيدونها إلى عهد الاحتلال والاستعمار ولو عرف الثوار الأبطال الشجعان الذين فجروا ثورة الرابع عشر من اكتوبر بما تقومون به لنهضوا من قبورهم ليقاتلوكم لأنكم خذلتم ثورتهم التي ضحوا بدمائهم الطاهرة الزكية في سبيلها لنيل الحرية والاستقلال وقدموا من أجل الوطن أغلى ما يملكون لكنكم وللأسف الشديد خنتم تلك الثورة وأولئك الثوار وبعتم الوطن لمحتل جديد.

بالتأكيد أن هذا الاحتلال سيكون مصيره إلى زوال لأن المحتل مهما كان سيرحل وسيخرج من البلد لأنه محتل وبقاؤه مؤقت لكن من سيخسر هو أنتم الذين سهلتم دخوله وسمحتم له باستباحة أرضكم وبلدكم وسيكتب التاريخ في اسود صفحاته أن حفنة من العملاء والمرتزقة ساعدوا على احتلال بلدهم ووطنهم ومن سيكتبه التاريخ في أنصع صفحاته هم أولئك الثوار الذين وقفوا ضد الظلم والاحتلال سابقاً أو حالياً وبلا شك أن نهاية المحتل قريبة وقريبة جداً وكما انطلقت ثورة 26 سبتمبر من أرض عدن الطيبة الطاهرة التي كانت حاضنة للثوار وكما كانت صنعاء حاضنة لثوار 14 أكتوبر التي انطلقت من جبال ردفان الشماء فإن الثورة الجديدة ضد المحتل الجديد ستكون انطلاقتها من تعز وعدن وصنعاء وشبوة وابين ومأرب وسيكون الدرس الجديد لهذا الغازي المحتل أقسى من كل الدروس السابقة التي تلقاها كل محتل لأرض اليمن على اعتبار أن هذا الغازي الجديد لم يتعلم من تلك الدروس ولم يعيها جيداً وبالتالي فخسارته ستكون أقوى من سابقيه وسيكتب التاريخ أن اليمنيين لقنوا الحفاة العراة دروساً ليست كتلك الدروس وسيكتب التاريخ بماء الذهب كيف أن أبناء اليمن الشرفاء انتصروا لبلدهم على أنظمة إجرامية اعتدت علينا دون مبرر فيما سيخرج هؤلاء الذين احتفلوا مع الاحتلال بعيد الاستقلال من أضيق نوافذ التاريخ إلى مزابله التي تنتظر كل الخونة والعملاء والمرتزقة.

 

 

(0)

الأقسام: آراء