عرقلة المغتربين بمنفذ الوديعة.. إحدى صور الحرب الاقتصادية على اليمن

المراسل|خاص:

من جديد عادت مأساة المغتربين اليمنيين في منفذ الوديعة لتتصدر واجهة الأحداث، بما تحمله من معاناة لا تطاق جراء العراقيل غير المبررة التي تضعها السلطات السعودية أمام المغتربين اليمنيين الراغبين في العبور إلى أراضيها، في إطار حربها الاقتصادية على اليمن.

وبينما عجزت حكومة هادي عن توفير أي حلول للتخفيف من معاناتهم أو وضع حد للإجراءات السعودية التعسفية بحقهم، يمكث آلاف المغتربين اليمنيين فترات طويلة تصل أحياناً إلى عشرة أيام أمام المنفذ، يبيتون خلالها في العراء، بدون أن تشفع لهم معاناة أطفالهم ونسائهم أمام تعنت سلطات المنفذ السعودي لتسمح لهم بالعبور.

وفي ظل انعدام المطاعم ودورات المياه، تفترش الكثير من عائلات المغتربين الأرض في صحراء الوديعة بالقرب من بوابة المنفذ، الذي تتكدس أمامه آلاف المركبات والشاحنات وسيارات المغتربين بانتظار دورهم في الدخول إلى المملكة لمزاولة أعمالهم هناك بعد إجازتهم الإجبارية، التي فرضتها إجراءات مواجهة كورونا، والإغلاق الذي فرضته السعودية للمنفذ الوحيد بينها وبين اليمن.

ويؤكد شهود عيان أن السلطات السعودية في المنفذ لا تسمح سوى لسيارة واحدة و10 مغتربين وباص نقل جماعي وخمس شاحنات تجارية فقط بعبور المنفذ خلال اليوم الواحد، مما يزيد عدد العالقين أمام المنفذ الواقع في منطقة معزولة لا يوجد بها سوى 10 فنادق عاجزة عن استيعاب الأعداد الكبيرة من المسافرين، على الرغم من أسعارها المرتفعة التي تصل إلى 30 ألف ريال للغرفة الواحدة، لتشكل إحدى صور الاستغلال لمعاناة اليمنيين المغتربين خلال أيام انتظارهم الطويلة.

وتشير مصادر مطلعة إلى أن السلطات السعودية تشترط على المسافرين اليمنيين إما دفع مبالغ كبيرة تصل إلى 300 ألف ريال مقابل السماح لهم بالعبور إلى أراضيها، بعد انتهاء مدة فحص “كورونا”، أو العودة إلى عدن لإجراء الفحص من جديد، مما يضطر الكثير منهم لدفع ذلك المبلغ إلى جانب 50 ألف ريال الخاصة برسوم فحص كورونا، خوفاً من رحلة العودة إلى عدن، والمحفوفة بالمخاطر، نظراً للمسافة الطويلة المليئة بحواجز التفتيش والحفريات على طريق “العَبْر” الواصل إلى المنفذ، والذي يتسبب بحوادث سير متكررة، جعلت البعض يصفونه بـ “طريق الموت”، إلى جانب مخاطر عصابات النهب المنتشرة على الطريق، وانتهاء بمرحلة المعاناة الأكبر على أبواب المنفذ، الذي يفتقر للبنية التحتية اللازمة لاستيعاب حركة النقل بين البلدين.

يشكو المسافرون اليمنيون بين الحين والآخر من الإجراءات التعسفية للجنود السعوديين في المنفذ الوحيد المتبقي أمام اليمنيين، من بين 4 منافذ حدودية أغلقتها المملكة في فترات سابقة، ليتسنى لها محاصرة اليمن وزيادة معاناة أبنائه، من خلال ما تفرضه سلطات المنفذ من إجراءات مستحدثة ومعقدة على المسافرين، من بينها إنزال الحمولات التجارية إلى الأرض على الرغم من توفر أجهزة فحص البضائع في مكانها، إلى جانب فرض مبالغ تحت مسمى ترتيب الحمولة التي يقوم بها سائق الشاحنة بنفسه.

وبدلاً من التحرك لتخفيف معاناة المغتربين جراء التعسفات السعودية وسوء إدارة الجانب اليمني، بعد أن تحول الوضع في المنفذ إلى قضية رأي عام، زعم رئيس هيئة تنظيم شؤون النقل البري التابعة لحكومة هادي أن العمل في المنفذ يسير على ما يرام.

لا تكترث حكومة هادي لما تتعرض له شريحة المغتربين، على الرغم من أنها تشكل مصدراً هاماً لرفد الاقتصاد اليمني بنحو 3.4 مليار دولار أميركي سنوياً، في ظل انعدام مصادر العملة الصعبة جراء العدوان والحصار المفروض على البلاد، وما ترتب عليهما من توقف النشاط الاقتصادي وضياع عائدات النفط والغاز وغيرها من الموارد العامة؛ وتوقّف مرتبات الموظفين المدنيين التي كانت تعتبر شريان الحياة الرئيس لأكثر من 7 ملايين يمني.

(15)

الأقسام: المراسل السياسي,تقارير المراسل