الاستعمار في حلته الجديدة..!!!

د. سامي عطا

لقد تميزت مرحلة مابعد الحرب العالمية الأولى وقيام ثورة أكتوبر الأشتراكية العظمى في روسيا بداية النهوض التحرري للشعوب الرازحة تحت الاستعمار بكل أشكاله وأصنافه تحرر خلالها اليمن من تحت الأحتلال العثماني عام 1918م، وإن ظل جنوبه تحت الأحتلال البريطاني، وبعد الحرب العالمية الثانية أردادت وتيرة نضال الشعوب في غير بلد من أجل التحرر من نير الاستعمار، وتعاظمت حركات التحرر العالمية في نهاية الخمسينيات وطول عقد الستينيات وحتى منتصف السبعينيات من القرن الماضي، وشهدت تلك المرحلة خروج الاستعمار ونيل كثير من الدول استقلالها، بعضها حاز على استقلال كامل والبعض الأخر حاز على استقلال وطني لكنه لم يك ناجزا وظل يدور في فلك المستعمر القديم اقتصاديا وجر هذه البلدان إلى تبعية اقتصادية أخذت تستفحل أكثر فأكثر وتحولت من دول مستقلة إلى دول تابعة ومرتهنة اقتصاديا، أي تحولت إلى دول طرفيه تخدم أجندات الدول الاستعمارية.
ولقد كانت اليمن أحدى هذه الدول التي فقدت استقلالها وصارت دولة تابعة ومرتهنة، لكن الأنكى في وضع اليمن أنها حالة فريدة، فقد أضحت تابعة لتابع، ودولة هامشية أو دولة طرفبة لعدد من دول الأقليم الطرفية تتقاذف مصيرها مركز قوى داخلية كل مركز منها يتبع دولة من دول الأقليم الطرفية، وكل مركز يريد أن يجر الدولة من أجل تحقيق مصالح الدولة التي يتبعها ويعمل من أجل تحقيق أجندتها.

ولذا باتت مراكز القوى الداخلية إلى إعادة الاستعمار القديم عبر مراكز قوى محلية تدين بالولاء لدول الأقليم الذين يقومون بدور الاستعمار بالوكالة، و ستجدون بانوراما هذه الحرب العدوانية تفصح عن تعدد وجوه الاستعمار الذي شهدته هذه الأرض قبل استقلالها الوطني، الاحتلال البريطاني والتركي ” العثماني”، لا بل حضر الأحتلال الصهيو أمريكي والفرنسي أيضا. ولولا هذه القوى المحلية المهزومة والمأزومة والتي فشلت في مشاريعها التي طرحتها أثر نيل بلدنا للأستقلال الوطني باتت هي من تجر هذا البلد إلى العودة مرة أخرى إلى أحضان الاستعمار، لا بل الأفضع من ذلك أنها قوى تجر إلى تقسيم البلد كعكة على عدة قوى استعمارية ما يعني إقامة دويلات مصطنعة فوق الأرض اليمنية.

النوع الطبيعي للتجمعات البشرية نحو إقامة كيانات سياسية مستقلة، ولايمكن قيام كيان سياسي ” دولة”قابلة للبقاء والديمومة وتحفظ وجود الناس فيها من خلال إرادات مرتهنة، والإرادات المرتهنة لا تؤسس إلاّ لكيانات طارئة تنتهي بإنتهاء شروط نشأتها.

(18)

الأقسام: آراء